سبب وفاة الشاعر حماد بن مريزيق البشري: وداعًا لأحد أهرامات الشعر النبطي السعودي
الشعر العربي النبطي يعد أحد ألوان الأدب التي تحاكي الوجدان الشعبي وتعكس تاريخ وثقافة المجتمعات، وفي قلب هذا التراث نجد الشعراء الذين كتبوا بأحرفهم أجمل القصائد وأسهموا في بناء الهوية الثقافية للأمة. واحد من هؤلاء الرموز الشعرية التي ارتبط اسمها بتاريخ الشعر النبطي هو الشاعر حماد بن مريزيق البشري. وفي 7 ديسمبر 2024، وافته المنية بعد رحلة حافلة بالعطاء الأدبي، ليغيب عن دنيانا أحد أعلام الشعر السعودي الذين تركوا بصمة لا تُنسى في الذاكرة الثقافية. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل وفاة حماد بن مريزيق البشري، مسيرته الشعرية، وأبرز ما يميز قصائده التي أضافت للتراث الأدبي في المملكة العربية السعودية.
من هو الشاعر حماد بن مريزيق البشري؟
حماد بن مريزيق البشري هو شاعر سعودي من قبيلة حرب، وهي إحدى القبائل المعروفة في الجزيرة العربية، وله مكانة كبيرة في مجال الشعر النبطي السعودي. وُلد البشري في منطقة القصيم، التي تشتهر بتاريخها الأدبي والشعري، وكان القصيد جزءًا من حياتها اليومية، وتقاليدها الثقافية. تميز حماد بقدرته الفائقة على التعبير عن مشاعر الناس وأحاسيسهم من خلال الأبيات التي كانت تتغنى بالقيم والشجاعة والحكمة.
رغم ابتعاده عن الإعلام لفترات طويلة، إلا أن قصائده كانت تحظى بانتشار واسع، ويعتبره الكثير من محبي الشعر رائدًا من رواد الشعر النبطي الذي يميز شعراء حرب عن غيرهم. وكان يكتب القصائد التي تُعبر عن جوانب مختلفة من الحياة اليومية، مثل الفرح، الحزن، الفقدان، والذكريات.
إحدى أشهر قصائده الخالدة هي قصيدة “عز الله إني جلست وطال مجلاسي”، التي أبدعها في عام 1407 هـ، وهي تمثل جزءًا كبيرًا من تراثه الشعري الذي يخلد اسمه في ذاكرة الأجيال. وتُعدّ هذه القصيدة واحدة من القصائد التي تميزت بالحكمة والصدق في التعبير عن مشاعر الشاعر.
أشهر قصائد حماد بن مريزيق البشري
من أبرز قصائده الشهيرة التي لا يزال يرددها الناس حتى اليوم قصيدته المشهورة “عز الله إني جلست وطال مجلاسي”، والتي يعبّر فيها عن التجارب الشخصية والصعوبات التي مر بها في حياته، خاصة في فترات الوداع والفقدان. وقد تحولت هذه الأبيات إلى أيقونة شعرية عند محبي الشعر النبطي، إذ قال في بعض أبياتها:
عزالله إني جلست وطال مجلاسي
يالله عسى كل تأخيره بها خيره
مرّن علي سنتينٍ شيبن راسي
ياما أخذن من صديق وطلعن غيره
هذه الأبيات تعكس رؤية الشاعر الفلسفية في الحياة، حيث يتحدث عن تجربة الحياة، والأوقات التي تمر بها الشخصيات من فترات طويلة من الانتظار، والخذلان الذي قد يعيشه المرء بسبب الفقدان أو الخيانة. ومثل هذه القصائد كانت تُلقى في الفعاليات الشعبية وتدور على الألسن في مجالس شعراء النبط، مما ساهم في استمرار إحياء تراث الشعر السعودي.
تفاصيل وفاة الشاعر حماد بن مريزيق البشري
في مساء يوم السبت 7 ديسمبر 2024، أعلنت ديوانية حرب عبر منصتها الرسمية على تويتر عن وفاة الشاعر حماد بن مريزيق البشري، ما أثار حزناً كبيراً في الأوساط الشعرية والشعبية في المملكة العربية السعودية. وذكر الحساب الرسمي للديوانية أن موعد الصلاة على الفقيد سيكون في الجامع الكبير بقرية الفويلق في محافظة القويعية بعد صلاة العصر، يوم الأحد 8 ديسمبر 2024.
تأثير وفاة حماد بن مريزيق البشري على الساحة الشعرية السعودية
تُعتبر وفاة حماد بن مريزيق البشري خسارة كبيرة للساحة الشعرية السعودية، حيث كان من أبرز الشعراء الذين حافظوا على تراث الشعر النبطي وأسهموا في نقله إلى الأجيال الجديدة. منذ أن بدأ مشواره الشعري في ثمانينات القرن الماضي، كانت قصائده تُلقى في المنتديات الثقافية والأدبية، وتُغنى في المناسبات، مما جعل له جمهورًا كبيرًا في المملكة وخارجها.
حماد كان معروفًا بإجادته لأسلوب الشعر النبطي الأصيل، الذي يعكس الأحاسيس والمشاعر الصادقة تجاه الحياة والمجتمع. وقد ساعدت قصائده في تعزيز الهوية الثقافية لدى المجتمع السعودي من خلال تعبيره عن المشاعر الشعبية، مما جعله يُعتبر من أهم أعلام الشعر النبطي في عصره.
كيف يذكره محبو الشعر؟
سيظل حماد بن مريزيق البشري واحدًا من أهم الشعراء الذين أثروا في الشعر السعودي والشعر النبطي بشكل عام. سيبقى صوته حاضرًا في المجالس الشعرية، وستظل قصائده تُسمع في الأعياد والمناسبات، حيث كان من الشعراء الذين جسّدوا المعاني العميقة التي يتداولها الناس في حياتهم اليومية.
عندما يردد محبو الشعر الأبيات الشهيرة له، يتذكرون ليس فقط الكلمات الجميلة التي قالها، بل أيضًا الشخصية المميزة التي كان يمثلها، تلك الشخصية التي تجمع بين الحكمة والصدق، كما كان يمثل رمزًا من رموز الشجاعة والمروءة في المجتمع.
الإرث الشعري الذي خلفه حماد بن مريزيق البشري
لن تقتصر إرثه الأدبي على القصائد المشهورة التي تركها، بل سيمتد أيضًا إلى الروح التي جلبها إلى عالم الشعر النبطي. ستظل القصائد التي كتبها في فترات عمره المختلفة شاهدة على تطور مشاعره تجاه الحياة والتجارب التي مر بها. ولهذا فإن شعر حماد سيبقى محفوظًا في ذاكرة الشعراء والمهتمين بالأدب السعودي كأحد الرموز التي أضاءت المسار الشعري في المملكة.
خاتمةرحيل حماد بن مريزيق البشري عن عالمنا يُعتبر خسارة كبيرة للساحة الأدبية والشعرية في المملكة العربية السعودية. فقد فقدنا شاعرًا مبدعًا كان له حضور قوي في الوجدان الشعبي، وقدم للتراث الشعري السعودي العديد من الأبيات الخالدة التي ستظل تردد في الأجيال القادمة. ولكن، ستبقى قصائده حية في الذاكرة الثقافية، وستظل تحكي عن جمال الحياة وتفاصيلها العميقة التي لا تُمحي بسهولة.