من هو محمد الضيف؟: أيقونة المقاومة الفلسطينية ومهندس 7 أكتوبر

بعد أشهر من التكهنات حول مصيره، أعلنت اليوم حركة حماس رسميًا استشهاد محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، خلال الحرب في غزة، كان الضيف الشهير بـ أبو خالد أكثر القادة المطلوبين لدى إسرائيل، حيث اتُهم بقيادة العمليات العسكرية ضدها لعقود، ووصفته أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بـ”الشبح الذي لا يُمكن القبض عليه”، نظرًا لنجاحه في الإفلات من سبع محاولات اغتيال سابقة.

مع تأكيد مقتله، تسلط الأضواء على رحلته الطويلة في المقاومة، ودوره الحاسم في تطوير قدرات حماس العسكرية، وتخطيطه لهجوم 7 أكتوبر 2023 الذي أحدث زلزالًا في إسرائيل، فمن هو محمد الضيف، وكيف أصبح أبو خالد أيقونة المقاومة الفلسطينية؟.

من هو محمد الضيف القائد العسكري لحركة حماس؟

طفولة قاسية في مخيم خان يونس

وُلد محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بــ محمد الضيف، أبو خالد عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين، لعائلة فلسطينية هجّرت قسرًا من قريتي كوكب والقبيبة خلال نكبة 1948. نشأ وسط الحرمان والفقر، في بيئة تشبّعت بروح المقاومة، مما ساهم في تشكيل وعيه السياسي والعسكري.

طالب متفوق ومسرحي بارع

التحق الضيف بـالجامعة الإسلامية في غزة، حيث درس الفيزياء والكيمياء والأحياء، وكان من أبرز الطلاب في كليته. بجانب دراسته، انخرط في الأنشطة الفنية والمسرحية، حيث كان مسؤولًا عن اللجنة الفنية في الجامعة، وقدم العديد من المسرحيات التي تناولت القضية الفلسطينية والمقاومة.

التحاقه بحركة حماس

مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، انضم الضيف إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وبدأ مشواره العسكري ضمن مجموعات العمل الإسلامي، الجناح الأولي لـكتائب عز الدين القسام.

في عام 1989، اعتقلته إسرائيل بتهمة الانضمام إلى حركة حماس، وقضى 16 شهرًا في الأسر، حيث التقى بالقائدين صلاح شحادة وزكريا الشوربجي، واتفق معهما على إنشاء وحدة عسكرية متخصصة في أسر الجنود الإسرائيليين، وهو ما تحول لاحقًا إلى كتائب القسام.

محمد الضيف.. من مقاتل ميداني إلى قائد الجناح العسكري لحماس

تدرجه في كتائب القسام

بعد الإفراج عنه، أصبح الضيف أحد القادة العسكريين الأوائل في كتائب القسام، وساهم في تنفيذ عمليات نوعية ضد الاحتلال الإسرائيلي. مع استشهاد القائد عماد عقل، انتقل الضيف إلى الضفة الغربية لقيادة العمل العسكري هناك، ما أكسبه لقب “الضيف”، نظرًا لتنقله الدائم بين المناطق.

بداية المواجهة المفتوحة مع إسرائيل

منذ التسعينيات، بدأ الضيف في بناء قدرات حماس العسكرية، وعمل على تطوير الأسلحة المحلية، بما في ذلك الصواريخ والمتفجرات، كما كان له دور محوري في توسيع شبكة الأنفاق القتالية، التي أصبحت من أهم الأدوات الاستراتيجية لحماس.

في عام 1998، بدأت إسرائيل بتعقبه ومحاولات اغتياله، بعد أن أصبح من أهم العقول المدبرة للمقاومة. لكن رغم عشرات عمليات الرصد، نجح الضيف في الإفلات مرارًا وتكرارًا، ما جعله أسطورة في عيون الفلسطينيين وكابوسًا لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

محاولات اغتيال محمد الضيف: الناجي من الموت سبع مرات

محاولة اغتياله الأولى (1998)

حاولت إسرائيل اغتياله أثناء خروجه من غزة باتجاه الحدود المصرية، لكن الضيف نجح في التملص، لتبدأ سلسلة طويلة من المحاولات الفاشلة.

2001-2003: ثلاث محاولات متتالية

  • 2001: استهدفته طائرة إسرائيلية أثناء وجوده في أحد المباني، لكنه كان قد غادره قبل الضربة.
  • 2002: تم قصف سيارة كان يُعتقد أنه بداخلها، لكنه أفلت مجددًا.
  • 2003: استهدفته إسرائيل بصواريخ أثناء اجتماعه مع القائد عدنان الغول، لكنه نجا بأعجوبة.

2006: الضيف يصاب بجروح خطيرة

في محاولة اغتيال رابعة عام 2006، استهدفت طائرة F-16 منزله، مما أدى إلى إصابته بجروح بالغة. قيل حينها إنه فقد إحدى عينيه وذراعه، لكنه سرعان ما عاد لقيادة المقاومة من الظل.

2014: استشهاد زوجته وطفليه

في أثناء حرب العصف المأكول، قصفت إسرائيل منزله، مما أدى إلى استشهاد زوجته وطفليه، لكن الضيف نفسه نجا.

2021: قصف الأنفاق في معركة “سيف القدس”

أعلنت إسرائيل أنها قصفته بصواريخ GBU-28 المخصصة لاختراق الملاجئ، لكنها لم تتمكن من تأكيد مقتله، ليعود بعد ذلك بسنوات لقيادة هجوم 7 أكتوبر 2023.

دور محمد الضيف في هجوم 7 أكتوبر 2023

يعتبر محمد الضيف أحد العقول المدبرة لهجوم 7 أكتوبر 2023، الذي شنته حماس ضد إسرائيل، وتمثل في إطلاق آلاف الصواريخ واقتحام مستوطنات حدودية وأسر عشرات الجنود والمدنيين.

بحسب التقارير الإسرائيلية، كان الضيف ضمن مجلس ثلاثي قاد الهجوم، إلى جانب يحيى السنوار ومروان عيسى، ما جعل حكومة نتنياهو تتوعد بالقضاء عليهم بأي ثمن.

اغتيال محمد الضيف: نهاية أم بداية فصل جديد؟

كيف تم اغتياله؟

في يوليو 2024، أعلنت إسرائيل استهدافه خلال غارة على مخيم المواصي جنوب غزة، لكن حماس نفت صحة الخبر، ومع استمرار الحرب، اختفى اسم أبو خالد الضيف عن الإعلام، حتى أعلنت حماس رسميًا استشهاده في غارة إسرائيلية مع عدد من القادة العسكريين.

ما تأثير اغتياله على حماس؟

  1. ضربة عسكرية مؤلمة: فقدت حماس قائدها العسكري الأعلى، الذي كان يمتلك خبرات قتالية واستراتيجية هائلة.
  2. إمكانية التصعيد: قد يدفع مقتل الضيف كتائب القسام إلى تصعيد الهجمات ضد إسرائيل ردًا على اغتياله.
  3. خلافة غير محسومة: رغم وجود قادة آخرين، مثل يحيى السنوار، إلا أن غياب الضيف يمثل تحديًا كبيرًا للحركة.

خاتمة: أسطورة محمد الضيف باقية رغم اغتياله

كان محمد الضيف أكثر من مجرد قائد عسكري؛ كان رمزًا للمقاومة الفلسطينية، ورجلًا تحدى كل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لسنوات طويلة.

رغم تأكيد اغتياله، تبقى تأثيراته في ساحة المعركة واضحة، حيث أسس بنية تحتية عسكرية متطورة لحماس، وجعل المقاومة الفلسطينية أكثر قوة وتنظيمًا.

يبقى السؤال: هل سيكون مقتل الضيف نقطة تحول في الحرب، أم أنه مجرد بداية لمرحلة جديدة من المواجهة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل؟ الأيام القادمة ستكشف الإجابة.

أسامة العطار

كاتب يتمتع بروح حره وشغف كبير، يجذب القراء باسلوبة الصادق، وقادر على نسج افكاره في قصص تلامس التفكير، يتناول مواضيع متنوعه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى