سبب وفاة الشاعر راشد الحطام في سجن مأرب: انتحار أم تعذيب؟

شهد الشارع اليمني والعربي صدمة كبيرة بعد الإعلان عن وفاة الشاعر راشد الحطام في 4 فبراير 2025، أثناء احتجازه في أحد سجون محافظة مأرب، وتضاربت الروايات حول سبب وفاته، حيث أفادت مصادر أمنية بأنه أقدم على الانتحار داخل السجن، بينما أكدت عائلته ونشطاء حقوقيون أنه توفي نتيجة التعذيب أثناء اعتقاله لوجود اثار تعذيب جسدية.
أثار هذا الحادث حالة من الغضب الشعبي والمطالبات بالتحقيق الفوري في سبب الوفاة، خاصة أن الحطام لم يكن شخصية عادية، بل كان من أبرز شعراء اليمن وهو من ابناء الحطيمه المعروفين بانتقادهم للأوضاع السياسية في البلاد.
في هذا التقرير، نستعرض تفاصيل وسبب وفاة الشاعر اليمني راشد الحطام، الروايات المتضاربة حول أسبابها، ردود الفعل المحلية والدولية، والمطالبات بفتح تحقيق شفاف في الحادثة.
تفاصيل وفاة الشاعر اليمني راشد الحطام
وفقًا لمصادر محلية، فقد تم اعتقال الشاعر راشد الحطام قبل أسبوعين من وفاته، وذلك بعد ظهوره في مقطع فيديو برفقة مجموعة من الشباب، أثناء احتفالهم بتوقيع اتفاق الهدنة في غزة، حيث كان يردد هتافات مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل.
تم تداول المقطع على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى اعتقاله من قِبل السلطات الأمنية في مأرب، بحجة التحريض ضد قوى أجنبية، وفقًا لما أفادت به بعض التقارير الصحفية.
في صباح يوم الثلاثاء 4 فبراير 2025، انتشرت أخبار وفاة الحطام داخل السجن، حيث ذكرت تقارير رسمية أنه حاول الانتحار أثناء احتجازه، مما تسبب في فقدانه للوعي، وعلى الفور نُقل إلى مستشفى الهيئة الحكومي في مأرب، لكنه فارق الحياة هناك.
لكن هذه الرواية لم تُقنع عائلته أو العديد من النشطاء الحقوقيين، حيث أشار البعض إلى أن آثار التعذيب كانت واضحة على جسده، ما يثير تساؤلات حول تعرضه لسوء المعاملة داخل السجن.
اتهامات بوقوع جريمة تعذيب
بعد الإعلان عن وفاة الحطام، تصاعدت أصوات تشير إلى تعرضه للتعذيب حتى الموت داخل السجن، حيث أكدت مصادر مقربة من عائلته أن جثته تحمل آثار تعذيب جسدي شديد، وهو ما دفع العائلة إلى تحميل سلطات أمن مأرب المسؤولية الكاملة عن وفاته.
الروايات المتضاربة حول سبب الوفاة
الرواية الأولى: الانتحار داخل السجن
ذكرت مصادر أمنية في مأرب أن الشاعر راشد الحطام أقدم على الانتحار أثناء احتجازه، حيث حاول شنق نفسه داخل زنزانته، مما أدى إلى فقدانه للوعي.
وأوضحت السلطات أن الحطام نُقل على الفور إلى العناية المركزة، لكنه توفي لاحقًا في المستشفى، مشيرة إلى أنه كان يعاني من اضطرابات نفسية بسبب احتجازه.
الرواية الثانية: التعذيب حتى الموت
في المقابل، رفضت عائلة الحطام هذه الرواية بشدة، وأكدت أن ما حدث هو جريمة تعذيب داخل السجن، وليس حالة انتحار.
وأشارت العائلة إلى أن آثار التعذيب كانت واضحة على جسده عند استلامهم الجثة، وطالبت بفتح تحقيق مستقل لمعرفة الحقيقة، وسط دعوات حقوقية للكشف عن ملابسات القضية.
أول رد فعل من عائلة الشاعر راشد الحطام
أصدرت عائلة الشاعر راشد عيسى الحطام بيانًا رسميًا، عبرت فيه عن إدانتها الشديدة لما تعرض له ابنها، وحمّلت سلطات أمن مأرب المسؤولية الكاملة عن وفاته، بغض النظر عن الملابسات التي أدت إلى ذلك.
وأكدت العائلة أن وفاة الشاعر خسارة كبيرة للثقافة اليمنية، مشيرة إلى أنه كان شاعرًا مبدعًا وله تأثير واسع في الأوساط الأدبية.
طالبت العائلة الجهات المختصة بفتح تحقيق نزيه وشفاف لكشف الحقيقة حول ملابسات الوفاة، مشددة على ضرورة محاسبة أي جهة متورطة في الحادثة.
ردود الفعل على وفاة الشاعر راشد الحطام
أثار خبر وفاة الحطام غضبًا واسعًا في الأوساط اليمنية، حيث شهدت بعض المدن احتجاجات منددة بـما وصفته بالاعتقالات التعسفية داخل السجون.
وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تطالب بالكشف عن حقيقة وفاته، واعتبروا أن التعامل مع المعتقلين يجب أن يكون وفقًا للقانون وبضمان حقوقهم الإنسانية.
أصدرت منظمات حقوقية محلية ودولية بيانات تطالب بإجراء تحقيق عاجل ومستقل، مشيرة إلى أن هناك شكوكًا كبيرة حول صحة ادعاء انتحاره، وضرورة التأكد مما إذا كان قد تعرض لسوء معاملة داخل السجن.
ومن بين المنظمات التي دعت إلى التحقيق:
- منظمة العفو الدولية
- هيومن رايتس ووتش
- اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في اليمن
حتى الآن، لم تصدر السلطات اليمنية بيانًا رسميًا يوضح تفاصيل الحادثة أو يرد على الاتهامات الموجهة ضدها. ومع تصاعد الغضب الشعبي، قد تجد الحكومة نفسها تحت ضغوط كبيرة للكشف عن تفاصيل الحادثة وإجراء تحقيق رسمي.
وفي الختام، تبقى وفاة الشاعر راشد الحطام لغزًا غامضًا، بين رواية السلطات التي تدّعي انتحاره، ورواية عائلته والنشطاء الذين يؤكدون تعرضه للتعذيب حتى الموت.
مع استمرار الضغوط الشعبية والحقوقية، يبقى السؤال الأهم: هل سيتم فتح تحقيق شفاف يكشف الحقيقة؟ أم سيظل مصير الحطام مجهولًا كما حدث مع شخصيات أخرى؟.
الأيام القادمة وحدها ستكشف مدى جدية السلطات في التعامل مع هذه القضية، وما إذا كانت العدالة ستأخذ مجراها أم لا.