ليلة النصف من شعبان 2025 عند الشيعة: ليلة البراءة وميلاد الإمام المهدي

تُعد ليلة النصف من شعبان من أكثر الليالي قداسةً عند المسلمين عامةً، وعند الشيعة الإمامية الإثني عشرية بشكل خاص، حيث يعتقدون أنها شهدت ولادة الإمام المهدي المنتظر، الإمام الثاني عشر الذي ينتظرون ظهوره ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جورًا، كما تُعرف هذه الليلة أيضًا باسم “ليلة البراءة” و “حق الليلة“، حيث يؤمن المسلمون بأنها ليلة تُغفر فيها الذنوب، وتتنزل فيها الرحمة، وترفع فيها الأعمال إلى الله.

وفي هذا المقال سنتعرف على موعد ليلة النصف من شعبان عند الشيعة والزيارة الشعبانية وقصة ميلاد المهدي وطقوس الاحتفال، وما الذي حدث في ليلة النصف من شعبان بداية من تحويل القبلة وميلاد الإمام المهدي ، ما هي قصة هذه الليلة؟ وما مكانتها في العقيدة الشيعية؟ وما الطقوس التي يقوم بها الشيعة في ليلة النصف من شعبان 2025-1446؟.

ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان عند الشيعة؟

ليلة النصف من شعبان ترتبط بأحداث تاريخية ودينية هامة عند المسلمين السنة، يُقال إنها ليلة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، وهي ليلة تُغفر فيها الذنوب ويستجيب الله فيها الدعاء، أما عند الشيعة الإمامية الإثني عشرية، فتُعتبر هذه الليلة ذكرى ميلاد الإمام المهدي المنتظر، الإمام الثاني عشر الذي ينتظرون ظهوره ليملأ الأرض عدلًا بعد أن مُلئت ظلمًا.

تُعرف هذه الليلة أيضًا باسم “ليلة البراءة“، حيث يُعتقد أنها ليلة الرحمة والمغفرة ورفع الأعمال إلى السماء، تقام فيها الطقوس الدينية، وتُتلى الأدعية، ويُقام فيها قيام الليل طلبًا للرحمة والمغفرة.

ميلاد الإمام المهدي المنتظر

يعتقد الشيعة الإمامية أن ليلة النصف من شعبان شهدت ولادة الإمام الثاني عشر، محمد بن الحسن العسكري، في سنة 255 هـ (869 م) في مدينة سامراء بالعراق، ويعتبرون أن الإمام المهدي هو المخلص الذي سيعود ليحقق العدالة الإلهية في الأرض.

بحسب الروايات الشيعية، كان مولد المهدي سرّياً بسبب ملاحقة العباسيين لأهل البيت، خشية أن يكون هو القائم الذي سيقضي على حكمهم.

وبعد وفاة والده، الإمام الحسن العسكري، في سنة 260 هـ، دخل المهدي في “الغيبة الصغرى”، حيث كان يتواصل مع أتباعه من خلال أربعة سفراء، حتى دخل في “الغيبة الكبرى” سنة 329 هـ، وهي الغيبة التي ما زالت مستمرة إلى اليوم، حيث يؤمن الشيعة بأنه سيظهر في آخر الزمان ليقيم العدل.

ليلة البراءة: المغفرة والرحمة

كما يعتقد الشيعة أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة البراءة، وهي ليلة يغفر الله فيها الذنوب لعباده، ويستجيب فيها الدعوات، ويرفع الأعمال إلى السماء، كما أنها ليلة تستجيب فيها الأقدار للعباد، وهي فرصة للتوبة والاستغفار والتقرب إلى الله.

لماذا سُمّيت ليلة النصف من شعبان بـ ليلة البراءة؟

سُمّيت ليلة النصف من شعبان بـ”ليلة البراءة” لأن المسلمين يعتقدون أن الله يكتب فيها مصير العباد للعام المقبل، ويفصل بين أهل الرحمة وأهل العذاب، ويفتح فيها أبواب التوبة والمغفرة لكل من يستغفره.

وقد ورد في بعض الأحاديث أن الله يغفر فيها لكل عباده إلا المشركين والمشاحنين، أي الذين بينهم عداوات وبغضاء.

طقوس ليلة النصف من شعبان عند الشيعة

زيارة الإمام الحسين عليه السلام

من أهم الأعمال التي يقوم بها الشيعة في ليلة النصف من شعبان زيارة مرقد الإمام الحسين في كربلاء، ويعتقدون أن من زاره في هذه الليلة كان كمن صافح 124 ألف نبي.

تسمى هذه الزيارة بـ”الزيارة الشعبانية“، وهي من أعظم الزيارات المستحبة عند الشيعة.

إحياء الليل بالعبادات

يُستحب في هذه الليلة الإكثار من العبادات، ومنها:

• قيام الليل بالصلاة، فقد ورد أن الإمام الباقر قال: “هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر”.
• قراءة القرآن الكريم، خصوصًا سورة يس وسورة الدخان.
• الدعاء والاستغفار، حيث يعتقد الشيعة أن هذه الليلة فرصة عظيمة لمحو الذنوب.
• دعاء كميل، وهو من الأدعية المشهورة التي يكثر قراءتها في هذه الليلة.

الاحتفالات بميلاد الإمام المهدي

في مختلف الدول التي تضم أعدادًا كبيرة من الشيعة، تُقام احتفالات دينية في ليلة النصف من شعبان ابتهاجًا بميلاد الإمام المهدي.

وتشمل هذه الاحتفالات:

• إلقاء الخطب حول الإمام المهدي وظهوره المنتظر.
• توزيع الحلوى والطعام على الناس.
• إنشاد الأناشيد الدينية والمدائح النبوية.

كيف يحتفل الشيعة بليلة النصف من شعبان في مختلف الدول؟

العراق

تعتبر الزيارة الشعبانية لضريح الإمام الحسين في كربلاء من أهم مظاهر الاحتفال في العراق.

يتوافد آلاف الزوار من مختلف المحافظات إلى كربلاء لأداء الزيارة والصلاة هناك. كما يكثر العراقيون من الدعاء والاستغفار في هذه الليلة.

إيران

في إيران، تُقام احتفالات كبيرة في المساجد والحسينيات احتفاءً بميلاد الإمام المهدي.

تنظم الحكومة والمراكز الدينية برامج خاصة تشمل قراءة الأدعية، وإلقاء الخطب، وتوزيع الطعام على المحتاجين.

لبنان

في لبنان، يحيي الشيعة هذه الليلة بالدعاء والصلاة في المساجد والحسينيات، مع تلاوة الأدعية والأذكار، وإقامة مجالس الذكر حول الإمام المهدي.

البحرين والكويت

تعرف هذه الليلة في البحرين والكويت باسم “الناصفة“، وهي مناسبة دينية واجتماعية في الوقت نفسه، حيث يقوم الأطفال بارتداء ملابس تقليدية، ويجوبون الأحياء لجمع الحلوى من الجيران في طقس مشابه لـ”حق الليلة” في الإمارات.

ما هي قصة تحويل القبلة في ليلة النصف من شعبان؟

يعتقد كثير من المسلمين أن ليلة النصف من شعبان شهدت تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام.

يذكر ابن كثير في “البداية والنهاية” أن النبي ﷺ كان يصلي باتجاه المسجد الأقصى لمدة 16 شهرًا بعد الهجرة، ثم جاءه الأمر الإلهي في ليلة النصف من شعبان بتغيير القبلة إلى الكعبة المشرفة، كما ورد في الآية الكريمة:

“قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ” (البقرة: 144).

لكن هناك خلاف بين المؤرخين حول الموعد الدقيق لتحويل القبلة، حيث تشير بعض الروايات إلى أن التحويل حدث في شهر رجب وليس في شعبان.

ليلة النصف من شعبان 2025 ستكون مساء الخميس 13 فبراير حتى فجر الجمعة 14 فبراير، وهي ليلة عظيمة عند المسلمين عامة، وعند الشيعة خاصة، حيث تمثل ذكرى ميلاد الإمام المهدي المنتظر، كما يُعتقد أنها ليلة البراءة التي تتنزل فيها المغفرة والرحمة.

يحيي الشيعة هذه الليلة بالصلوات، والأدعية، وقراءة القرآن، وزيارة الإمام الحسين، والاحتفالات بذكرى ميلاد المهدي المنتظر، في حين يحتفي المسلمون السنة بها بالدعاء والاستغفار وقيام الليل.

مهما اختلفت الطقوس والعقائد، تبقى هذه الليلة من الليالي التي يُستحب فيها الإكثار من العبادات، واستغلالها في القرب من الله، طلبًا للرحمة والمغفرة.