التاريخ السري لـ أحمد الشرع : الصعود الغامض من زعيم جهادي إلى رئيس سوريا

كيف يمكن لرجل بدأ رحلته كمقاتل ومجاهد في صفوف تنظيم القاعدة في العراق، واعتُقل في سجون الاحتلال الأمريكي، أن يصبح رئيسًا لسوريا؟ أحمد الشرع، المعروف سابقًا بـأبو محمد الجولاني، ليس مجرد شخصية عابرة في التاريخ السوري، بل رمز لتحولات درامية في الصراع الذي دمر البلاد لأكثر من عقد.
من قائد جبهة النصرة إلى زعيم هيئة تحرير الشام، وصولًا إلى رئاسة المرحلة الانتقالية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، هذا هو المسار الغامض والمثير للجدل الذي اتخذه الشرع، وسط اتهامات بارتكاب جرائم حرب، علاقات مع أجهزة استخبارات دولية، وصراعات داخلية أدت إلى انقسامات عميقة بين الفصائل المسلحة.
في هذا التقرير، نكشف التاريخ السري والدموي لـ أحمد الشرع، وكيف استطاع تحويل مساره من أحد أخطر المطلوبين دوليًا إلى شخصية سياسية تتصدر المشهد السوري.
كيف تحول أبو محمد الجولاني إلى أحمد الشرع؟
أحمد حسين الشرع، المعروف سابقًا باسم “أبو محمد الجولاني”، هو شخصية بارزة في المشهد السوري، حيث تحول من قائد لفصيل مسلح إلى رئيس للمرحلة الانتقالية في سوريا.
وُلد في 29 أكتوبر 1982 في الرياض، المملكة العربية السعودية، لعائلة سورية تنحدر من منطقة فيق في هضبة الجولان، نشأ في دمشق، حيث تلقى تعليمه في مدارسها.
البدايات والتوجه نحو الجهاد:
في عام 2003، ومع بداية الغزو الأمريكي للعراق، انضم الشرع إلى صفوف المقاتلين ضد القوات الأمريكية، حيث التحق بتنظيم “سرايا المجاهدين” في الموصل وبايع أبو مصعب الزرقاوي، قائد تنظيم القاعدة في العراق آنذاك.
في عام 2004، أُلقي القبض عليه من قبل القوات الأمريكية، وقضى فترة في سجن بوكا حتى عام 2010.
العودة إلى سوريا وتأسيس جبهة النصرة:
مع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، عاد الشرع إلى سوريا، وأسس في نهاية ذلك العام “جبهة النصرة لأهل الشام” كفرع لتنظيم القاعدة في سوريا.
سرعان ما اكتسبت الجبهة سمعة قوية بفضل كفاءتها القتالية وانضباطها، مما جعلها من أبرز الفصائل المعارضة للنظام السوري.
الانفصال عن القاعدة وتشكيل هيئة تحرير الشام:
في عام 2016، أعلن الشرع فك ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة، وأعاد تسميتها إلى “جبهة فتح الشام”، في محاولة لتجنب التصنيف كمنظمة إرهابية.
وفي عام 2017، اندمجت جبهة فتح الشام مع فصائل أخرى لتشكيل “هيئة تحرير الشام”، التي أصبحت القوة المهيمنة في محافظة إدلب ومحيطها.
التحول السياسي وتولي رئاسة المرحلة الانتقالية:
مع تصاعد الأحداث في سوريا، قاد الشرع هيئة تحرير الشام في عمليات عسكرية أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
وفي 29 يناير 2025، تم تعيينه رئيسًا للمرحلة الانتقالية في سوريا، ليقود البلاد نحو مستقبل جديد.
التحديات والانتقادات:
رغم التحولات التي شهدها الشرع في مسيرته، إلا أن تاريخه المرتبط بتنظيمات متشددة يثير جدلاً واسعًا، فقد وُجّهت له اتهامات بارتكاب انتهاكات خلال فترة قيادته لجبهة النصرة، مما يضع تحديات أمامه في كسب ثقة المجتمع الدولي والسوريين على حد سواء.
يظل أحمد الشرع شخصية محورية في التاريخ السوري الحديث، حيث يعكس مساره تحولات المشهد السوري وتعقيداته.
ومع توليه رئاسة المرحلة الانتقالية، تتجه الأنظار إلى كيفية تعامله مع التحديات الراهنة، وقدرته على تحقيق الاستقرار وبناء دولة تستوعب جميع مكونات المجتمع السوري.