كيف تؤدى صلاة الفتح وعدد ركعاتها؟ تفاصيل وشروط أدائها بعد إسقاط حكم بشار الأسد
في اللحظات التي يتنفس فيها الشعب السوري هواء الحرية بعد سنوات من الظلم والدمار، ظهرت صورة مهيبة في شوارع المدن السورية: مجموعة من السوريين يؤدون صلاة الفتح جماعيًا. كانت هذه الصلاة بمثابة تعبير رمزي عن الفرح والامتنان لله تعالى على النصر الكبير الذي تحقق بعد إسقاط نظام بشار الأسد. فتلك اللحظة التي انتظرها السوريون طويلاً لم تكن مجرد نهاية لحكم استبدادي، بل كانت بداية لمرحلة جديدة في تاريخ سوريا، مرحلة يعود فيها الأمل والتفاؤل إلى نفوسهم، فكان لا بد أن تكون صلاة الفتح هي المناسبة التي تجمعهم.
لكن ما هي صلاة الفتح؟ وما هو تاريخها؟ وما هي كيفية أدائها؟ تلك هي الأسئلة التي شغلت أذهان الكثيرين بعد أن أصبحوا يشاهدون مشاهد الصلاة الجماعية التي أداها الآلاف في شوارع سوريا، معبرين عن فرحتهم بنصر الله.
ما هي صلاة الفتح؟
صلاة الفتح هي صلاة شكر لله سبحانه وتعالى تُؤدى بعد تحقيق النصر أو الفتح. تعتبر هذه الصلاة سنة مستحبة وقد وردت في السيرة النبوية بعد فتح مكة. ففي يوم فتح مكة، وبعد أن أتم النبي محمد صلى الله عليه وسلم الفتح العظيم للمدينة، دخل مكة منتصرًا واغتسل في بيت أم هاني بنت أبي طالب. وفي هذا المكان، صلى النبي صلى الله عليه وسلم ثماني ركعات شكرًا لله على النصر الذي تحقق. ولهذا سُميت هذه الصلاة “صلاة الفتح”، باعتبارها شكرًا لله على تحقيق النصر والفتح.
تعتبر صلاة الفتح من السنن التي يُستحب أداؤها بعد تحقيق النصر في أي زمان ومكان، سواء على مستوى فردي أو جماعي. وقد أدى السوريون صلاة الفتح بعد إسقاط حكم بشار الأسد، تعبيرًا عن امتنانهم لله على النصر الذي تحقق بعد سنوات من القهر والظلم.
أصل صلاة الفتح
تعود صلاة الفتح إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أداها بعد فتح مكة في السنة 8 هـ. حينما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة منتصرًا، واغتسل في بيت أم هاني بنت أبي طالب، وصلى ثماني ركعات من شكر لله تعالى على النصر الذي تحقق. وقد ورد في الحديث الصحيح عن أم هاني أنه قالت: “إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة، فاغتسل وصلى ثماني ركعات، فلم أرَ صلاةً قط أكثر إتقانًا وتواضعًا من تلك الصلاة”.
ويقال إن هذه الصلاة هي صلاة الضحى أيضًا، حيث يؤديها المسلمون في الصباح أو في أي وقت من اليوم كوسيلة للتقرب إلى الله بعد النصر أو الفرح.
عدد ركعات صلاة الفتح وكيفية أدائها
صلاة الفتح تتكون من ثماني ركعات متصلة دون فاصل بينها. في بعض الآراء الفقهية، يُقال إن الصلاة تنتهي بتسليمة واحدة في آخر الركعة الثامنة. بينما يرى آخرون أن التسليم يتم بعد كل ركعتين. إلا أن الأكثر شيوعًا هو أن التسليم يتم في الركعة الثامنة.
وفيما يتعلق بكيفية أداء صلاة الفتح، فهي كأي صلاة نافلة، حيث يبدأ المسلم بصلاة ركعتين نفل، ثم يواصل بقية الركعات المتبقية دون أن يتوقف أو يفصل بين الركعات. يُستحب قراءة السور الطويلة في كل ركعة، والأفضل أن تكون السور من السور التي تتحدث عن النصر أو الشكر لله تعالى.
التكبير في صلاة الفتح
من الجوانب المميزة لصلاة الفتح هو التكبير الذي يُقال في بداية الصلاة وفي كل ركعة. في البداية، يتوجه المسلم إلى الله بالتكبير ويبدأ في أداء الصلاة. وفي بعض الروايات، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعد كل تكبيرة: “الله أكبر”، وكان هذا يرافق الشعور بالفخر والفرح لما تحقق من نصر.
كما يُستحب للمسلم أن يدعو في أثناء الصلاة بالدعاء لله بأن يتم النصر وتستمر البركات على المؤمنين في كل زمان ومكان. وعندما يؤدي السوريون صلاة الفتح في وقتنا الحالي، فهم لا يقتصرون فقط على شكر الله على النصر، بل يرفعون أيديهم بالدعاء بأن يعم السلام والأمان في بلادهم، وأن تعود سوريا كما كانت.
إقامة صلاة الفتح في سوريا بعد إسقاط نظام بشار الأسد
عقب إعلان إسقاط حكم بشار الأسد، تجمع آلاف السوريين في شوارع المدن والقرى في سوريا لأداء صلاة الفتح. كانت هذه الصلاة هي المظهر الأوضح للتعبير عن الفرح بالنصر، وكانت بمثابة إشارة رمزية لعودة الأمل في نفوس السوريين بعد سنوات من القهر. كان ذلك أيضًا بمثابة لحظة دينية ووطنية في ذات الوقت.
وفي الشوارع التي شهدت الدمار والمعاناة، كان الجميع يرفعون رؤوسهم وهم يؤدون الصلاة، وبعضهم سقطوا على الأرض يبكون من شدة الفرح والامتنان لله تعالى. كان المشهد مؤثرًا جدًا، حيث اجتمع الشعب السوري بكافة أطيافه وأديانه للاحتفال بالنصر.
دلالة صلاة الفتح في السياق السوري
إن أداء صلاة الفتح في هذه اللحظة التاريخية له دلالة كبيرة بالنسبة للسوريين. بعد سنوات من الحرب الأهلية التي خلفت مئات الآلاف من الضحايا والمشردين، جاءت لحظة تحرير البلاد من حكم بشار الأسد لتعيد للشعب السوري كرامته وحريته. ولعل أكثر ما يعبر عن مشاعرهم في هذه اللحظة هو أداء صلاة الفتح، حيث يعبرون عن شكرهم لله على النصر ويستحضرون فيها تاريخهم الطويل من المعاناة والبطولات.
إن أداء صلاة الفتح هو بمثابة وعد للشعب السوري بأنهم لن ينسوا تضحياتهم ولن يتركوا وطنهم ينسى جراحه. فمع كل ركعة من ركعات الصلاة، يتجدد الأمل في سوريا ويعود الحلم بأن يعم السلام ويعود الأمان إلى كل زاوية من زوايا البلاد.
ما هي أهمية صلاة الفتح في حياة المسلمين؟
تُعد صلاة الفتح من السنن النبوية التي تحمل في طياتها العديد من الدروس. فهي تعلم المسلم شكر الله في أوقات النصر، وتحثه على التواضع والاعتراف بنعمة الله. كما تُظهر أن النصر ليس مجرد نتيجة للجهد البشري، بل هو فضل من الله ورحمتُه. ومن خلال صلاة الفتح، يُشجع المسلم على الثبات في مواجهة التحديات والظروف الصعبة، ويُعلمه أن النصر في النهاية هو بيد الله تعالى.
خاتمة: صلاة الفتح والتجديد الوطني في سوريا
عندما تجمع السوريون في شوارع بلادهم لأداء صلاة الفتح بعد إسقاط النظام، لم يكن ذلك مجرد تعبير ديني، بل كان تجديدًا لأمل الشعب في الحرية والكرامة. لقد كانت هذه الصلاة بمثابة بداية جديدة، بداية لعهدٍ جديد يملؤه الأمل والسلام. ومن خلال هذه الصلاة، يعبر السوريون عن تصميمهم على بناء وطنهم من جديد، وطنٍ يعم فيه السلام والعدالة.