أسرار فتح سجن صيدنايا: قصص المعتقلين في سجن صيدنايا

سجن صيدنايا السوري هو واحد من أكثر السجون شهرة ومرعبة في العالم، إذ ارتبط اسمه بالكثير من الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري ضد معارضيه. وقد عمت الأفراح مختلف المدن السورية بأخبار تحرير المعتقلين من سجن صيدنايا في ريف دمشق.

وأظهر أكثر من فيديو متداول عن فرحة المعتقلين بعد الإفراج عنهم من السجن فقد وصلت فترات سجن بعضهم ما يزال على 4 عقود.

يقع سجن صيدنايا على بعد حوالي 30 كيلومترًا شمال العاصمة دمشق في منطقة جبلية، ويعتبر من أهم الرموز التي تعبّر عن القمع الوحشي الذي مارسه النظام السوري ضد الشعب السوري خلال سنوات حكم بشار الأسد.

تاريخ سجن صيدنايا

تم بناء سجن صيدنايا في الثمانينات من القرن الماضي، وكان يعتبر من بين أكثر السجون سرية في العالم، حيث كان يخضع مباشرة لإشراف وزارة الدفاع السورية بدلاً من وزارة العدل، مما يجعله فريدًا في تاريخه وإدارته. في البداية، كان السجن مخصصًا لاحتجاز “المجرمين العاديين”، إلا أن الحكومة السورية استخدمته في وقت لاحق بشكل رئيسي لسجن المعارضين السياسيين والنشطاء والموالين للثوار خلال فترة الثورة السورية، وهو ما جعله واحدًا من أسوأ السجون من حيث المعاملة.

التركيب الداخلي للسجن وأقسامه

سجن صيدنايا ليس مجرد سجن عادي؛ بل هو قلعة حصينة مليئة بالأقبية السرية والأنفاق التي يصعب الوصول إليها. يحتوي السجن على قسمين رئيسيين:

  1. القسم الأبيض: ويختص باستقبال المعتقلين المجرمين العاديين.
  2. القسم الأحمر: ويعد أخطر الأقسام في السجن، حيث يتم فيه احتجاز المعتقلين السياسيين والمعارضين. هذا القسم مشدد الحراسة ويحتوي على أسرار متعددة، وتتم حمايته بشدة بحيث يصعب اقتحامه أو الوصول إلى تفاصيله.

أقبية سجن صيدنايا السرية

من أكثر ما يشتهر به سجن صيدنايا هو احتوائه على أقبية وأماكن سرية تحت الأرض، حيث تم إخفاء عدد كبير من المعتقلين الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والإعدام. يقدر عدد الذين قتلوا أو تم إعدامهم في سجن صيدنايا بحوالي 30 ألف معتقل خلال فترة النزاع في سوريا بين عامي 2011 و2018. وتشير الشهادات إلى أن السجن كان مليئًا بأقبية سرية وعميقة تحتوي على أدلة على جرائم حرب ارتكبها النظام السوري. هذه الأقبية كانت بعيدة عن أنظار المنظمات الدولية، مما جعل سجن صيدنايا رمزًا رئيسيًا للانتهاكات والظلم.

لحظة فتح سجن صيدنايا

في الساعات الماضية تمكنت قوات المعارضة من السيطرة على سجن صيدنايا خلال تقدمها نحو دمشق. وبعد السيطرة عليه، تم فتح أبواب السجن بشكل مفاجئ، وخرج آلاف المعتقلين، ليواجهوا لحظات من الفرح والصدمة، حيث لم يكن لديهم علم بسقوط النظام السوري في هذه المناطق.

تم تصوير لحظات الإفراج عن المعتقلين في مقاطع فيديو وُثقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما أتاح للعالم معرفة جزء من معاناة هؤلاء المعتقلين.

أثناء عمليات البحث التي تلت السيطرة على السجن، أعلنت فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) عن العثور على العديد من الأبواب السرية التي كانت تخفي مزيدًا من المعتقلين في السجن. هذه العمليات استمرت فترة طويلة للبحث عن أماكن جديدة تحت الأرض، مما يبرز حجم المعاناة التي كانت تحدث خلف الأسوار.

وضع المعتقلين

كان المعتقلون في سجن صيدنايا يعانون من ظروف غير إنسانية، حيث تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي. من المعروف أن المعتقلين كانوا يُحرمون من الطعام والشراب لفترات طويلة، ويُجبرون على العيش في زنازين ضيقة، معظمها كانت مليئة بالفئران والحشرات. كثير من هؤلاء المعتقلين تم إعدامهم أو توفوا نتيجة التعذيب الممنهج.

بعض المعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم بعد سنوات طويلة من السجن، وصفوا مشاعرهم بالصدمة والذهول. معظمهم لم يكن يصدق أنهم خرجوا من السجن، خصوصًا أن بعضهم قضى أكثر من 20 عامًا خلف القضبان.

الانتهاكات داخل السجن

حسب شهادات المعتقلين والمصادر الحقوقية، فإن سجن صيدنايا كان مكانًا يشتهر بالانتهاكات الجسيمة. كانت عمليات التعذيب تتم بشكل دوري في السجن، حيث يُجبر المعتقلون على الخضوع لأنواع متعددة من التعذيب الوحشي مثل الضرب، والصعق بالكهرباء، والحرمان من النوم والطعام، إضافة إلى التعرض للتهديدات بالإعدام.

وبالإضافة إلى التعذيب الجسدي، كانت المعاملة النفسية في السجن لا تقل قسوة. فقد كان العديد من المعتقلين يظلوا في حالة من العزلة لفترات طويلة، ولا يتم إبلاغهم بتهمتهم أو محاكمتهم. ويعزو البعض ذلك إلى النظام القمعي الذي كان يسعى إلى إبقاء المعتقلين في حالة من الفزع والضغط النفسي المستمر.

مكافأة 100 ألف دولار لمن يفك شيفرة بوابات سجن صيدنايا

في إطار الجهود المبذولة للكشف عن المزيد من المواقع السرية داخل سجن صيدنايا، أعلن الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” عن تقديم مكافآت مالية بداية من 30 الف حتى وصل الأمر الى 100 الف دولار لمن يقدم معلومات قيمة حول أماكن السجون السرية في سوريا.

وقد كشف العديد من الأشخاص عن مداخل سجون أخرى أو عن تفاصيل تتعلق بالأقبية السرية التي كانت تُخفي المعتقلين.

تشير التقارير إلى أن خريطة سجن صيدنايا الذي يمتد على مساحة 1.4 كيلومتر مربع ويتألف من العديد من الأبنية والأقسام المترابطة التي تحتوي على ممرات سرية وأبواب محصنة. نظراً للإجراءات الأمنية المشددة في السجن، فإن معظم المعتقلين كانوا يُحتجزون في ظروف قاسية داخل زنازين ضيقة معتمة.

سجن صيدنايا يعد أحد أكثر الأماكن السجنية سرية في العالم، ويدل على حجم القمع والتسلط الذي مورس ضد الشعب السوري طوال سنوات الحرب.

سجن صيدنايا في ذاكرة السوريين

بعد سنوات من الصمت والخوف، تحول سجن صيدنايا إلى رمز للمقاومة وللشجاعة الشعبية ضد القمع. أصبح الحديث عن هذا السجن جزءًا من ذاكرة السوريين جمعيًا، حيث ارتبط اسمه بمعاناة الملايين من السوريين، سواء أولئك الذين تم اعتقالهم، أو الذين فقدوا أحباءهم داخل أسواره.

لقد شكلت الأحداث التي شهدها سجن صيدنايا بداية جديدة للشعب السوري في نضاله من أجل الحرية والعدالة. هذه اللحظات، رغم مأساويتها، كانت بمثابة إشراقة أمل في ظل الظلام الدامس الذي فرضه النظام السوري على شعبه.

يبقى سجن صيدنايا رمزًا حيًّا لما عاناه السوريون في ظل حكم النظام السابق. ورغم الانتصار الذي حققته المعارضة بإطلاق سراح آلاف المعتقلين، فإن قصة صيدنايا ستظل في ذاكرة الشعب السوري والعالم، كتذكار لما حدث من ظلم وحشية لن تُمحى بسهولة.

نورا الحسن

محررة متعددة المهارات تتميز بقدرتها على التكيف مع مختلف المجالات. تقدم محتوى يجمع بين الفائدة والإثارة، ويعكس اهتمامات قراء من مختلف الخلفيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى