صور زوجة ماهر الأسد تصف بشار الأسد بـ”بائع العائلة والوطن”

في خطوة مفاجئة أدهشت الكثيرين، نشرت منال الجدعان الأسد زوجة ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، صورة لعلم الثورة السورية على حساباتها في منصات التواصل الاجتماعي، وأرفقت الصورة بتعليق قاسٍ وصريح تجاه بشار الأسد، حيث قالت: “رغم أنف بائع العائلة والوطن، عاشت سوريا حرّة أبيّة“.

هذه الكلمات التي ظهرت على حسابها أثارت ردود فعل متباينة بين المتابعين، وتزامنت مع إعلان المعارضة السورية سقوط النظام السوري في 8 ديسمبر 2024.

مفاجأة زوجة ماهر الأسد ودعم الثورة السورية

تعتبر هذه الرسالة من زوجة ماهر الأسد خطوة غير تقليدية، خصوصًا وأنها تنتمي إلى عائلة الأسد التي كانت تُعرف بتماسكها السياسي والعسكري على مدار سنوات الحرب. في الوقت الذي تميز فيه معظم أفراد عائلة الأسد بمواقفهم الثابتة في دعم النظام، يأتي هذا التصريح بمثابة مفاجأة غير متوقعة. فماذا وراء هذا التصرف؟ وهل يمكن تفسيره بأنه تعبير عن خيبة أمل من بشار الأسد ونظامه؟

صورة علم الثورة التي نشرتها منال الجدعان وعلقّت عليها بعبارة انتقادية حادة ضد بشار الأسد تشير إلى أنها ربما تشعر بالغضب الشديد إزاء سياسات النظام السوري، وبالأخص السياسات التي اتبعها شقيقها ماهر الأسد، الذي كان أحد أبرز القادة العسكريين في الحملة العنيفة ضد المعارضة.

ومن المعروف أن ماهر الأسد كان يقود الفرقة الرابعة، التي كانت من الوحدات العسكرية الأقوى في الجيش السوري، وشارك في عدة عمليات دموية ضد المدن الثائرة مثل حملة درعا عام 2018 وحصار مدن أخرى.

الجدل حول حقيقة الحساب

على الرغم من أن البعض اعتبر أن الحساب ربما قد تم اختراقه وأن هذا التصريح لا يعكس رأيها الحقيقي، إلا أن هناك من شكك في هذه الفرضية، مؤكدين أن منال الأسد قد تكون في حالة نفسية وعاطفية تجعلها تتخذ مثل هذا الموقف العلني. الجدير بالذكر أن الاختراقات الإلكترونية قد تكون ظاهرة في فترات الضغط السياسي، إلا أن حجم الانعكاسات الاجتماعية لهذا التصريح يبقى كبيرًا.

من هي زوجة ماهر الأسد؟

منال توفيق جدعان الأسد، زوجة ماهر الأسد، هي من مدينة دير الزور السورية، وهي إحدى الشخصيات التي ظلت في الظل خلال معظم فترة حكم زوجها وعائلة الأسد. تزوجت من ماهر الأسد، ولديهما ثلاثة أطفال. وفيما يخص خلفية عائلتها، فهي تنتمي إلى الطائفة السنية، مما يثير تساؤلات عن العلاقة بين عائلتها وعائلة الأسد العلوية. كما أن ارتباطها بماهر الأسد، الذي يمتلك سمعة سيئة بسبب قسوته وتورطه في العديد من العمليات العسكرية الوحشية، جعلها تُحاط بغطاء إعلامي أقل وضوحًا، على الرغم من أنها كانت تُعتبر جزءًا من النخبة التي ساعدت في تثبيت دعائم النظام السوري في مرحلة معينة.

ماهر الأسد: القائد العسكري الذي لا يرحم

يُعتبر ماهر الأسد من الشخصيات التي ارتبطت صورته بقوة النظام السوري العسكرية، حيث شغل منصب قائد الحرس الجمهوري وقائد الفرقة الرابعة المدرعة، وهي من أبرز الوحدات العسكرية التي شاركت في القمع الدموي ضد الاحتجاجات الشعبية، وتُعد واحدة من أقوى القوات التي شكلت قاعدة دعم لبشار الأسد.

كما يذكر أن ماهر كان له دور كبير في قمع العديد من الحركات الاحتجاجية التي كانت تشهدها البلاد منذ بداية عام 2000، بما في ذلك حراك “ربيع دمشق” في عام 2000 وانتفاضة الأكراد في عام 2004، بالإضافة إلى تورطه في مجزرة سجن صيدنايا عام 2008 التي أسفرت عن مقتل الآلاف من المعتقلين.

رسائل السياسة وواقع العائلة

تصريحات منال الجدعان الأسد تأتي في وقت حساس من تاريخ سوريا، حيث تتغير الموازين السياسية والأمنية بشكل سريع، خصوصًا بعد سيطرة المعارضة السورية على العاصمة دمشق وطلب بشار الأسد اللجوء السياسي إلى موسكو، ما يزيد من تعقيد الموقف الداخلي للنظام. من خلال موقفها هذا، قد تكون منال الجدعان قد أرادت إيصال رسالة رمزية عن حجم الاستياء الذي يمكن أن يكون قد تراكم لديها من تصرفات النظام السوري، وخاصة بعد أن رأى العالم حجم الدمار والتدمير الذي ألحقه النظام بالسوريين طوال أكثر من عقد من الزمن.

تساؤلات عن المستقبل

إذا تأكدت هذه الخطوة على أنها تمثل قناعة حقيقية لدى منال الجدعان، فإنها تُسلط الضوء على التصدع داخل الدائرة الضيقة للنظام السوري وأسرته. ليس من المستبعد أن تظهر المزيد من المواقف الداعمة للثوار أو المنتقدة لبشار الأسد من أفراد آخرين داخل النظام في ظل انهيار النظام، الذي يبدو أنه في لحظة مفصلية من تاريخه.

كما تبرز تساؤلات جديدة حول مستقبل ماهر الأسد وعلاقته بمصير الثورة السورية، خاصةً بعد الأخبار المتداولة عن تزايد الانشقاقات داخل الجيش السوري، والتحولات الجذرية في التوازنات السياسية في سوريا.

بغض النظر عن صحة فرضية اختراق الحساب أو قناعة منال الجدعان الأسد، فإن نشر هذه الصورة مع هذا التعليق يلقي الضوء على حجم القطيعة المحتملة بين بعض أفراد العائلة الحاكمة وبين النظام السوري في آخر مراحل انهياره.

ومن الواضح أن الثورة السورية، التي بدأت كحركة مطالبة بالحرية والعدالة، قد أحدثت تحولات غير متوقعة حتى في داخل أكبر الدوائر الداعمة للنظام.

تظل الأسئلة مفتوحة حول المرحلة القادمة: هل ستظل عائلة الأسد ملتزمة بموقفها؟ وهل سنشهد تصاعدًا في تحولات مواقف المقربين من النظام؟ أم أن هذه التصريحات هي بداية لمرحلة جديدة من البحث عن الحقيقة والعدالة في سوريا؟.

أسامة العطار

كاتب يتمتع بروح حره وشغف كبير، يجذب القراء باسلوبة الصادق، وقادر على نسج افكاره في قصص تلامس التفكير، يتناول مواضيع متنوعه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى