سجن صيدنايا: شهادة مؤلمة لإحدى الناجيات دخلت عزباء وخرجت أم لـ 3 أطفال
قصص النساء في صيدنايا بين الاعتقال والتعذيب الممنهج
تعرف على قصة إحدى الناجيات من سجن صيدنايا بعد 13 عامًا من القهر والظلم والتي قالت “دخلت سجن صيدنايا وأنا عزباء في التاسعة عشرة من عمري، وخرجت منه وأنا أم لثلاثة أطفال لا أعرف آباءهم.” بهذه الكلمات الموجزة، عبرت إحدى الناجيات من سجن صيدنايا عن واقع مأساوي عاشته خلال فترة اعتقالها داخل واحد من أكثر السجون وحشية في العالم.
يُعدّ سجن صيدنايا العسكري، الواقع على بُعد نحو 30 كيلومترًا شمال العاصمة السورية دمشق، رمزًا من رموز القمع والاستبداد في تاريخ سوريا الحديث. شهد هذا السجن، الذي يوصف بـ”المسلخ البشري”، انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على مدار عقود، حيث تمارس داخله أسوأ أشكال التعذيب والترهيب.
تصميم السجن: أداة للقمع الممنهج
يمتد سجن صيدنايا على مساحة تقارب 24 ألف متر مربع، ويتسم بتصميم هندسي معقد يهدف إلى عزل السجناء ومنعهم من أي تواصل. يتألف السجن من مبنيين رئيسيين:
- السجن الأحمر: يُستخدم لتنفيذ العقوبات القاسية، ويتحول فيه السجناء إلى أهداف لتعذيب ممنهج يصل إلى الإعدامات الجماعية.
- السجن الأبيض: مخصص للنظر في القضايا القضائية، لكنه يشهد أيضًا انتهاكات صارخة بحق المعتقلين.
هذا التصميم ليس عشوائيًا، بل أداة مخططة تهدف إلى جعل المعتقلين في حالة مستمرة من الخوف واليأس.
شهادة إحدى الناجيات: 13 عامًا من الجحيم
في مقابلة مؤثرة مع إحدى الناجيات، كشفت المعتقلة السابقة التي قضت 13 عامًا في صيدنايا عن تفاصيل مروعة لحياتها خلف القضبان. تقول:
“دخلت السجن وأنا فتاة عزباء في التاسعة عشرة من عمري، وخرجت منه وأنا أم لثلاثة أطفال لا أعرف آباءهم.”
تعكس هذه الكلمات البسيطة حجم القهر الذي عانته آلاف النساء المعتقلات في هذا السجن. تعرضت المعتقلة للتعذيب الجسدي والنفسي بشكل يومي، وكانت شاهدة على أهوال لا يمكن وصفها بالكلمات، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي الذي كان يُمارس بشكل منهجي على النساء.
الاعتقال التعسفي: مصير مجهول
الناجية، التي كانت تبلغ من العمر 19 عامًا عند اعتقالها، أوضحت أنها لم تكن تعرف التهم الموجهة إليها. اعتُقلت أثناء مشاركتها في إحدى المظاهرات السلمية ضد النظام، ليتم نقلها إلى صيدنايا حيث قضت سنواتها الأولى في زنزانة انفرادية.
إحدى المعتقلات في سجن #صيديانا :
انسجنت وكان عمري ١٩ عام وعزباء..
خرجت وعمري ٣٢ عام وام ل ٣ اطفال ، ولا اعرف آبائهم ..
وتسألوا لماذا خرج الناس على هذا النظام البشع !؟#سوريا_حرة#الحوثي_بعد_بشار pic.twitter.com/X6dxGkk5qt— محمد عبدالله الكميم (@alkumaim_m) December 8, 2024
مع مرور الوقت، عانت المعتقلة من فقدان الأمل تدريجيًا. “كان التعذيب النفسي أقسى من الجسدي”، تقول الناجية، مشيرة إلى استخدام الإهانة والإذلال اليومي كوسيلة لكسر إرادة السجناء.
ظروف الاعتقال: الموت البطيء
يتعرض المعتقلون في صيدنايا لأبشع أشكال التعذيب، بما في ذلك:
- الضرب المبرح: باستخدام العصي والأسلاك الكهربائية.
- الإهمال الطبي: حيث يُترك المرضى ليموتوا دون أي رعاية.
- الحرمان من الطعام والماء: كوسيلة ضغط على السجناء لإجبارهم على الاعتراف بتهم ملفقة.
- الإعدامات الجماعية: التي تُنفذ بشكل دوري أمام أعين السجناء الآخرين.
وفقًا لتقارير حقوقية، تمثل الإعدامات الجماعية جزءًا أساسيًا من سياسة القمع داخل السجن، حيث يتم اقتياد السجناء إلى “غرف الموت” لشنقهم دون محاكمات عادلة.
دور النساء في سجن صيدنايا
تكشف قصص النساء الناجيات من سجن صيدنايا عن مستوى آخر من الوحشية، حيث يتعرضن للاغتصاب والتعذيب الجنسي بشكل ممنهج.
الناجية التي تحدثت للإعلام أكدت أنها كانت شاهدة على ولادة أطفال داخل السجن نتيجة الاعتداءات الجنسية. تقول بأسى:
“هناك أطفال في صيدنايا لا يعرفون آباءهم، ونساء خرجن محطمات تمامًا من الداخل والخارج.”
ما بعد الاعتقال: أثر الجحيم
رغم الإفراج عنها بعد 13 عامًا، تشير الناجية إلى أن الحرية لم تُنهِ معاناتها. خرجت وهي تعاني من أضرار نفسية وجسدية دائمة، إضافة إلى وصمة اجتماعية تعاني منها الناجيات من سجون النظام السوري.
تقول:
“الحرية لم تعد تعني لي شيئًا، فقدت كل شيء، عائلتي، شبابي، وحتى إرادتي للحياة.”
سجن صيدنايا: نظام قمع متكامل
يشير خبراء حقوق الإنسان إلى أن سجن صيدنايا ليس مجرد منشأة احتجاز، بل هو نظام متكامل صُمم لقمع المعارضين السياسيين وإرهابهم. يستخدم النظام هذا السجن كأداة سياسية لإسكات الأصوات المناهضة وضمان السيطرة الكاملة.
تقارير المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية تشير إلى أن:
- ما لا يقل عن 13 ألف شخص تم إعدامهم في سجن صيدنايا بين عامي 2011 و2016.
- الآلاف ما زالوا محتجزين في ظروف مروعة، مع غياب أي معلومات عن مصيرهم.
الإفراجات الأخيرة: بصيص أمل؟
بعد اندلاع الثورة السورية، أُفرج عن بعض المعتقلين، بمن فيهم الناجية التي أدلت بشهادتها. تم فتح السجن لفترة قصيرة عقب دخول قوات المعارضة إلى مناطق قريبة من دمشق، حيث تمكنت بعض العائلات من استعادة أقاربها.
لكن الإفراج عن هؤلاء لا يمثل نهاية القصة، حيث لا يزال الآلاف مجهولي المصير، بينما تعاني الناجيات من صيدنايا من صدمة نفسية عميقة وآثار اجتماعية مدمرة.
سجن صيدنايا ليس مجرد سجن، بل رمز للقمع والوحشية التي مارسها النظام السوري على شعبه. شهادات الناجين والناجيات تظل شاهدًا على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
مع استمرار الدعوات الدولية للمحاسبة، يبقى الأمل في تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم. إن قصص المعتقلين في صيدنايا يجب أن تُروى باستمرار، لتكون تذكيرًا دائمًا بحجم المعاناة التي عانى منها الشعب السوري، وضمانًا لعدم تكرار هذه المآسي في المستقبل.