من هو المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري؟: السيرة الذاتية وما لا تعرفه عنه

في يوم الخميس الموافق 26 ديسمبر 2024، غيّب الموت الكاتب والمفكر البحريني الدكتور محمد جابر الأنصاري عن عمر يناهز 85 عامًا، يعد الأنصاري أحد أبرز رموز الفكر العربي المعاصر الذين أثروا الساحة الثقافية والفكرية بإنتاجاتهم المميزة وتحليلاتهم الرصينة للتحديات التي تواجه الأمة العربية.
جاءت وفاة المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري لتشكل خسارة كبيرة للأوساط الثقافية العربية، حيث كان أحد الأصوات الداعية إلى التجديد الفكري وربط التراث العربي بالتحولات العالمية.
في هذا المقال، سنتعرف على من هو محمد جابر الأنصاري؟، سيرته الذاتية، مسيرته المهنية، أبرز مؤلفاته، وإرثه الفكري الذي سيظل محفورًا في ذاكرة الثقافة العربية.
من هو محمد جابر الأنصاري؟
ولد الدكتور محمد جابر الأنصاري في عام 1939 في البحرين، تميز منذ صغره بشغف كبير نحو العلم والثقافة، مما دفعه للسفر إلى لبنان للدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت.
حصل الأنصاري على بكالوريوس الآداب عام 1963، وتابع دراساته العليا ليحصل على درجة الماجستير في الأدب الأندلسي عام 1966، مما جعله أول بحريني ينال هذه الدرجة العلمية.
ولم يتوقف الأنصاري عند هذا الحد، إذ أكمل مشواره الأكاديمي في مجال الفلسفة الإسلامية الحديثة والمعاصرة، وحصل على درجة الدكتوراه عام 1979. كما درس في جامعات عالمية مرموقة مثل جامعة كامبريدج والسوربون، حيث زاد من عمق فهمه للثقافات المختلفة وأثرى رؤيته الفكرية.
مسيرته المهنية ومناصبه البارزة
تميزت مسيرة الأنصاري المهنية بتنوع المناصب والمسؤوليات، حيث شغل العديد من المواقع المهمة:
- رئيس الإعلام وعضو مجلس الدولة (1969-1971).
- رئيس أسرة الأدباء والكتاب في البحرين عام 1969.
- أستاذ دراسات الحضارة الإسلامية والفكر المعاصر في جامعة الخليج العربي.
- مستشار الملك للشؤون الثقافية والعلمية، وهو المنصب الذي شغله لسنوات طويلة وأسهم فيه بوضع السياسات الثقافية.
إسهاماته الفكرية وأبرز مؤلفاته
كان الأنصاري من أكثر المفكرين إنتاجًا وغزارة في الفكر العربي، حيث ترك وراءه إرثًا فكريًا يتضمن أكثر من 20 كتابًا تناولت قضايا مختلفة في الفكر والسياسة والمجتمع. من أبرز كتبه:
- “تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي (1930-1970)”.
- “تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية”.
- “مساءلة الهزيمة: جديد العقل العربي بين صدمة 1967 ومنعطف الألفية”.
- “التأزم السياسي عند العرب وموقف الإسلام”.
- “رؤية قرآنية للمتغيرات الدولية”.
كما اشتهر بكتابة مقالات فكرية عميقة في مجلات مرموقة مثل “العربي” الكويتية و”الدوحة” القطرية.
“مساءلة الهزيمة”: تحليل الهزيمة العربية
يعد كتاب “مساءلة الهزيمة” أحد أبرز أعمال الأنصاري، حيث يناقش فيه تداعيات هزيمة 1967 وتأثيرها العميق على العقل العربي. يعرض الأنصاري فيه أسباب الهزائم المتكررة للأمة العربية، مشيرًا إلى التخلف الفكري والاقتصادي باعتباره السبب الجوهري وراء هذا الواقع.
يقول الأنصاري في كتابه: “إذا كانت قضية فلسطين قضية العرب الأولى، فإن التخلف العربي هو نكبتهم الكبرى، وأي محاولة لإنكاره لن تؤدي سوى إلى المزيد من الضياع.”
التكريم والجوائز
حظي الأنصاري بتقدير واسع في العالم العربي، وحصل على العديد من الجوائز المرموقة، منها:
- جائزة الدولة التقديرية في البحرين.
- جائزة سلطان العويس للدراسات القومية والمستقبلية.
- الميدالية الذهبية الكبرى للثقافة العربية من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
وفاة محمد جابر الأنصاري: خسارة للفكر العربي
أعلن الديوان الملكي البحريني وفاة الدكتور محمد جابر الأنصاري، ونعاه كمستشار ملكي وأحد رواد الفكر في البحرين والعالم العربي.
وقد أثار خبر وفاته حزنًا واسعًا في الأوساط الثقافية، حيث نعاه الكثير من المثقفين والمفكرين باعتباره أحد الأصوات التي دعت إلى التجديد وربط التراث بالتحديات المعاصرة.
إرثه الفكري وأثره المستقبلي
سيبقى إرث الدكتور محمد جابر الأنصاري حيًا في ذاكرة الثقافة العربية، حيث تمكن من معالجة قضايا فكرية شائكة برؤية عصرية. كان الأنصاري دائمًا داعيًا إلى الحوار والتجديد، ومؤمنًا بقدرة الفكر العربي على النهوض، شرط مواجهة التخلف والتكيف مع التحولات العالمية.
رحيل الدكتور محمد جابر الأنصاري يشكل نهاية لمسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.
يمثل الأنصاري نموذجًا للمفكر العربي الذي جمع بين العمق الأكاديمي والرؤية التجديدية، وستبقى أعماله مصدر إلهام للأجيال القادمة.