هل ليلة الإسراء والمعراج يوم 27 رجب؟: معجزة سماوية ودروس خالدة
تُعد ليلة الإسراء والمعراج من أبرز الأحداث في السيرة النبوية، حيث أسرى الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرج به إلى السماوات العُلا. وتبقى التساؤلات حول توقيت هذا الحدث من أبرز المواضيع التي تشغل المسلمين. في هذا المقال، نعرض تفاصيل رحلة الإسراء والمعراج، ونناقش صحة كونها في ليلة 27 من رجب، إلى جانب أبرز الدروس والعبر المستفادة منها.
رحلة الإسراء والمعراج: معجزة سماوية فريدة
الإسراء
الإسراء يعني السفر ليلاً، وفيه انتقل النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس على ظهر دابة تُسمى “البراق”، وهي دابة بيضاء تفوق سرعتها أي وسيلة نعرفها. عند وصوله إلى المسجد الأقصى، صلى النبي بالأنبياء إمامًا، وهو مشهد يعكس وحدة الرسالات السماوية.
المعراج
المعراج هو الصعود إلى السماوات العُلا، حيث ارتقى النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى برفقة جبريل عليه السلام. في هذه الرحلة، التقى النبي بالأنبياء في السماوات السبع، وشاهد الجنة والنار، ورأى ملك الموت وخازن النار. وتم فرض الصلاة على المسلمين في هذه الرحلة لتكون خمس صلوات يوميًا، بعد أن كانت خمسين.
هل ليلة الإسراء والمعراج يوم 27 رجب؟
الخلاف بين العلماء
رغم أهمية الإسراء والمعراج، لم يرد نص صريح في القرآن أو السنة يحدد التاريخ الدقيق لهذه الرحلة. ومع ذلك، انتشرت رواية أن الحدث وقع في ليلة 27 رجب. لكن علماء الحديث والتاريخ أشاروا إلى ضعف هذه الرواية، مؤكدين أن التواريخ المذكورة تتفاوت:
- قيل إنها وقعت قبل الهجرة بخمس سنوات.
- هناك روايات تشير إلى أنها حدثت في شهر ربيع الأول.
- البعض يذكر أنها كانت في رمضان.
الرأي الراجح
يرى غالبية العلماء أن الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج في 27 رجب لا يستند إلى دليل شرعي قوي. الأهم من ذلك هو الإيمان بحدوث هذه الرحلة، وليس التركيز على تحديد موعدها بدقة.
دروس وعبر من رحلة الإسراء والمعراج
1. تكريم النبي محمد صلى الله عليه وسلم
كانت الرحلة تكريمًا إلهيًا للنبي بعد سنوات من المعاناة والاضطهاد، ليشهد آيات الله الكبرى ويطمئن قلبه.
2. أهمية الصلاة
فرض الصلاة مباشرة من الله على النبي صلى الله عليه وسلم دون وسيط يؤكد مكانتها العظيمة في الإسلام.
3. وحدة الرسالات السماوية
صلاة النبي بالأنبياء إمامًا في المسجد الأقصى ترمز إلى وحدة الهدف بين الرسل، وهو دعوة الناس إلى عبادة الله الواحد.
4. مكانة المسجد الأقصى
اختيار المسجد الأقصى كمحطة في الرحلة يؤكد مكانته كأحد أهم المقدسات الإسلامية.
5. التوحيد أساس الدين
رؤية النبي للأنبياء في السماوات يعزز أن رسالتهم جميعًا كانت تدعو إلى عبادة الله وحده.
6. الإيمان بالغيب
تصديق المسلمين برحلة الإسراء والمعراج يعكس عمق إيمانهم بالغيب وبقدرة الله المطلقة.
ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الرحلة؟
- الجنة والنار: شاهد نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار.
- الملائكة: رأى جبريل عليه السلام في صورته الحقيقية.
- سدرة المنتهى: وهي شجرة عظيمة عند نهاية السماوات.
- بيت المعمور: البيت الذي تطوف حوله الملائكة في السماء.
موقف المشركين من الإسراء والمعراج
عندما أخبر النبي قريشًا بما حدث، سخروا منه وكذبوه. طلبوا منه وصف المسجد الأقصى، فوصفه بدقة رغم أنه لم يزره من قبل، مما أثار دهشتهم. أما أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقال: “إن كان قال فقد صدق”، ومن هنا لُقب بـ”الصديق”.
فرض الصلاة: أعظم هدية للأمة
خلال المعراج، فرض الله خمسين صلاة يوميًا على المسلمين. وبشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، تم تخفيفها إلى خمس صلوات، لكنها تعادل في الأجر خمسين. هذا يؤكد أن الصلاة هي عماد الدين وأساس القرب من الله.
هل يجب الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج؟
الرأي الشرعي
يرى العلماء أن الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة. لذلك، يُفضل عدم تخصيص ليلة معينة للعبادة بناءً على تاريخ غير مؤكد.
البديل المشروع
يمكن للمسلمين استذكار رحلة الإسراء والمعراج بالتأمل في معانيها والدروس المستفادة منها، دون الابتداع في الدين.
خاتمة: الإسراء والمعراج معجزة خالدة
تبقى رحلة الإسراء والمعراج معجزة عظيمة تحمل في طياتها دروسًا وعبرًا لكل مسلم. هي دعوة للتأمل في قدرة الله، وأهمية الصلاة، ومكانة المسجد الأقصى. الأهم ليس تحديد موعد هذه الرحلة، بل الإيمان بها والعمل بمقتضى ما حملته من تعاليم وإرشادات.