تعديل المناهج الدراسية في سوريا: خطوة للتغيير أم إثارة للجدل؟

في خطوة أثارت نقاشًا واسعًا، أعلنت وزارة التربية في الإدارة السورية الجديدة عن تعديلات جوهرية على المناهج الدراسية للعام الدراسي 2025.

وقد شملت هذه التعديلات حذف محتويات وصور تمجّد النظام السابق، واستبدالها بمحتويات جديدة تعكس القيم التي تسعى الحكومة المؤقتة إلى تعزيزها. بينما يرى البعض في هذه التعديلات خطوة ضرورية نحو بناء مستقبل تعليمي جديد، انتقدها آخرون باعتبارها إثارة للجدل وتجاهلًا لبعض القيم الوطنية والتاريخية.

في هذا المقال، سنناقش أبرز التعديلات التي أجرتها وزارة التربية، أسباب هذه التعديلات، وردود الفعل المتباينة عليها، بالإضافة إلى تداعياتها على العملية التعليمية والمجتمع السوري.

أسباب تعديل المناهج الدراسية

وفقًا لتصريحات وزير التربية، نذير القادري، كان الهدف الأساسي من هذه التعديلات إزالة ما وصفه بـ”تمجيد نظام الأسد البائد”.

وقد تضمنت المناهج في السابق موادًا تتعلق بتمجيد شخصيات النظام وأيديولوجياته، وهو ما اعتبرته الإدارة الجديدة عقبة أمام تحقيق هوية تعليمية جديدة.

ركزت التعديلات على إدراج رموز الثورة السورية، مثل علم الثورة، بدلًا من علم النظام السابق. كما تم تعديل النصوص التي اعتُبرت “خطابًا قديمًا” بما يتماشى مع رؤية الإدارة الجديدة لبناء مجتمع أكثر وعيًا بالقيم الديمقراطية.

شملت التعديلات إعادة تفسير بعض الآيات القرآنية التي كانت تُقدَّم وفق تفسيرات اعتبرتها الإدارة الجديدة مغلوطة، واعتمدت على مصادر تفسيرية معتمدة لجميع المراحل الدراسية.

أبرز التعديلات التي أُجريت على المناهج

حذف المواد المرتبطة بالنظام السابق

  • إزالة النصوص والصور التي تُظهر القادة السابقين أو تُروج لشعارات النظام.
  • حذف فقرة “أكمل النشيد الوطني” من الكتب الدراسية، باعتبارها جزءًا من التمجيد السياسي.
  • حذف المواد التي تتحدث عن “الفخر الوطني” وفق الرؤية القديمة.

تعديلات على المواد الدينية

  • اعتماد تفسير دقيق للآيات القرآنية بما يعكس القيم الدينية الصحيحة.
  • استبدال بعض المصطلحات مثل “المغضوب عليهم” و”الضالين” بعبارات أكثر وضوحًا وارتباطًا بالسياق القرآني.

تغييرات في المواد التاريخية

  • حذف شريعة حمورابي والدروس المتعلقة بالحضارات القديمة، مثل الآراميين والكنعانيين.
  • استبعاد الشخصيات التاريخية مثل زنوبيا، بحجة أنها ليست موثقة تاريخيًا.

حذف المواد العلمية المثيرة للجدل

  • إزالة درس “تطور الحياة على الأرض”.
  • حذف فقرة تتحدث عن تطور الدماغ بالكامل.

ردود الفعل على التعديلات والمناهج الجديدة

رأى المؤيدون أن هذه التعديلات خطوة ضرورية لتطهير المناهج من إرث النظام السابق وتعزيز الهوية الوطنية الجديدة، أكدوا أن المناهج الجديدة ستساعد في بناء أجيال واعية بالقيم الديمقراطية والإنسانية.

أما المعارضون، فقد انتقد بعض السوريين هذه التعديلات، واعتبروها محاولة لإعادة صياغة التاريخ بما يتوافق مع أيديولوجيات جديدة، ما قد يؤدي إلى تجاهل القيم الوطنية الحقيقية، أشاروا إلى أن حذف مواد تاريخية ودينية وعلمية قد يؤثر سلبًا على جودة التعليم.

وقد أبدت بعض المنظمات التعليمية والحقوقية قلقها من هذه التعديلات، مشيرةً إلى أن حذف بعض المواد يتنافى مع المعايير التعليمية العالمية.

وفقًا لتصريحات وزير التربية، سيتم تشكيل لجان مختصة لمراجعة المناهج بشكل كامل قبل تطبيقها على مستوى جميع المدارس، شملت التعديلات المواد الدينية والتاريخية والعلمية بشكل رئيسي، مع التركيز على تغيير محتويات تتعلق بالنظام السابق.

تمثل تعديلات المناهج الدراسية في سوريا خطوة هامة نحو إعادة صياغة النظام التعليمي بما يعكس تطلعات الشعب بعد الثورة. ومع ذلك، فإن هذه التعديلات ليست خالية من التحديات والجدل، حيث تتطلب توازنًا دقيقًا بين الحفاظ على القيم الوطنية والتكيف مع المعايير التعليمية الحديثة.

مع استمرار النقاش حول هذه القضية، يبقى السؤال: هل ستتمكن الإدارة السورية الجديدة من تحقيق نظام تعليمي يواكب تطلعات الأجيال القادمة؟.

مروان سعيد

كاتب ذو خبرة واسعة في الصحافة الرقمية، يتميز بمهاراته العالية في البحث والتحليل. يسعى دائمًا لتقديم محتوى متجدد وذي قيمة للقراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى