هل يكون نواف سلام مفتاح التغيير في المشهد السياسي اللبناني؟

بدأت الاستشارات النيابية في لبنان لاختيار رئيس جديد للحكومة بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون، وسط تحديات سياسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة.

أظهرت الجولة الأولى من التصويت تفوق السفير السابق ورئيس محكمة العدل الدولية، نواف سلام، بدعم واسع من المعارضة والمستقلين، في المقابل، يواجه رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، معارضة متزايدة، رغم دعم حزب الله وحركة أمل له.

في هذا المقال، نستعرض تطورات المشهد السياسي اللبناني، وأسباب انسحاب فؤاد مخزومي من السباق، ودلالات صعود نواف سلام، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة.

انسحاب مخزومي وتعزيز فرص نواف سلام

موقف المعارضة ودعم نواف سلام

مع انطلاق الاستشارات النيابية، كان اسم فؤاد مخزومي أحد المرشحين البارزين. إلا أن مخزومي أعلن انسحابه بشكل مفاجئ صباح الاثنين، موضحًا أن وجود أكثر من مرشح معارض قد يؤدي إلى تشتت الأصوات وإعادة تكليف ميقاتي. في بيانه، أكد مخزومي دعمه الكامل لنواف سلام، معتبرًا أن التوافق حول سلام يمثل فرصة حقيقية لإحداث تغيير في لبنان.

أسباب تصدر نواف سلام

يحظى سلام بدعم المعارضة والمستقلين، نظرًا لسجله المهني المميز في القانون الدولي والدبلوماسية، بالإضافة إلى كونه شخصية إصلاحية تُعدّ خارج المنظومة السياسية التقليدية.

نواف سلام في مواجهة نجيب ميقاتي

دعم حزب الله وحركة أمل لميقاتي

رغم المعارضة الواسعة، يتمتع ميقاتي بدعم حزب الله وحركة أمل، اللذين يعتبران إعادة تكليفه جزءًا من اتفاق ضمني مع السعودية أسفر عن انتخاب جوزاف عون رئيسًا.

معارضة ميقاتي

يواجه ميقاتي رفضًا كبيرًا من المعارضة والقوى التغييرية، التي ترى فيه استمرارًا لنهج المنظومة السياسية السابقة. ويرى مراقبون أن تكليف سلام برئاسة الحكومة يعكس تحوّلًا في موازين القوى الداخلية على حساب حزب الله وحلفائه.

التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة

الإصلاحات الاقتصادية

يمر لبنان بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث. ويتعين على الحكومة المقبلة تنفيذ إصلاحات هيكلية تشمل:

  1. إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
  2. تعزيز الشفافية في إدارة الأموال العامة.
  3. الالتزام بخطة تعافٍ اقتصادي شاملة.

إعادة الإعمار

بعد الحرب الأخيرة التي تسببت في تدمير واسع النطاق، تحتاج الحكومة المقبلة إلى إطلاق خطة شاملة لإعادة الإعمار، خاصة في الجنوب اللبناني وضاحية بيروت الجنوبية.

تطبيق القرارات الدولية

يتطلب تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 الالتزام بنزع سلاح الميليشيات غير الشرعية، وإبعاد حزب الله عن الحدود مع إسرائيل.

تعزيز العلاقات الدولية

مع تزايد العزلة الدولية، تحتاج الحكومة إلى كسب ثقة المجتمع الدولي للحصول على الدعم المالي والسياسي المطلوب لإخراج البلاد من أزمتها.

أصداء شعبية ودولية

موقف الشارع اللبناني

يحظى نواف سلام بدعم شعبي ملحوظ، خاصة من الشرائح الشبابية والقوى التغييرية، التي ترى فيه شخصية قادرة على كسر هيمنة الطبقة السياسية التقليدية. في المقابل، يدعم البعض ميقاتي باعتباره شخصية تتمتع بعلاقات دولية قوية وخبرة في إدارة الأزمات.

الدور الإقليمي والدولي

تشكل المنافسة بين سلام وميقاتي انعكاسًا للتجاذبات الإقليمية والدولية، حيث يُنظر إلى دعم سلام كامتداد لتأثير أمريكي وسعودي، بينما يُعتبر دعم ميقاتي مرتبطًا بمحور إيران وسوريا.

مشهد سياسي معقد

تأثير الانقسامات

غالبًا ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان وقتًا طويلًا بسبب الانقسامات السياسية والطائفية. تشير التطورات الحالية إلى أن تكليف سلام أو ميقاتي لن يكون نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة جديدة من المفاوضات والشروط المضادة.

لقاءات الرئيس عون

استهل الرئيس جوزاف عون مشاوراته بلقاء نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، الذي أشار إلى ضرورة اختيار رئيس حكومة إصلاحي يتماشى مع خطاب القسم. تصريحات بو صعب عكست قلقًا من تداعيات فرض شخصية معينة على حساب التوافق الوطني.

تطورات ميدانية تزيد المشهد تعقيدًا

الغارات الإسرائيلية

في الوقت الذي تتصاعد فيه الجهود السياسية لتشكيل الحكومة، شهد الجنوب اللبناني توترًا عسكريًا مع تنفيذ غارات إسرائيلية في مناطق متفرقة، ما يزيد من الضغوط على الحكومة المقبلة لمعالجة القضايا الأمنية.

الخروقات المتكررة

وثقت الوكالة الوطنية للإعلام ما يزيد عن 470 خرقًا إسرائيليًا منذ بدء وقف إطلاق النار الأخير، ما يعكس حجم التحديات الأمنية التي تواجه لبنان.

مع تصدر نواف سلام الجولة الأولى في سباق رئاسة الحكومة اللبنانية، يبرز أمل جديد في إحداث تغيير سياسي واقتصادي. ومع ذلك، فإن التحديات الداخلية والخارجية تُلقي بظلالها على مستقبل الحكومة المقبلة.

هل يتمكن سلام من تجاوز العقبات وتشكيل حكومة تنال ثقة الداخل والخارج؟ أم أن ميقاتي سيعود إلى الواجهة بفضل الدعم السياسي الذي يحظى به؟ يبقى السؤال مفتوحًا في مشهد سياسي متقلب.

ندى عبدالرحمن

كاتبة تتمتع بمهارات عالية في سرد القصص وتغطية الأحداث الهامة. تسعى دائمًا لتقديم محتوى مفيد وممتع للقراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى