هل شهر شعبان شهر تساقط الأرواح؟: وما صح فيه وما لم يصح 2025/ 1446؟
يتساءل الكثير من المسلمين حول صحة العبارة التي تشير إلى أن شهر شعبان هو شهر تساقط الأرواح، نظرًا لانتشار هذه المقولة في بعض المجتمعات الإسلامية، حيث يتداول الناس فكرة كثرة الوفيات وتساقط الأرواح في هذا الشهر بشكل خاص. ومن خلال هذا المقال، سنوضح الحقيقة حول هذا الموضوع ونستعرض ما ورد في السنة النبوية والأقوال الموثوقة حول شهر شعبان.
ما هو شهر شعبان؟
شهر شعبان هو الشهر الثامن في التقويم الهجري ويأتي بين شهري رجب ورمضان. يُعتبر شعبان من الأشهر المباركة التي وردت أحاديث كثيرة عن فضلها، حيث كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يُكثر فيه من الصيام والعمل الصالح. وقد أُطلق عليه اسم “شعبان” لأن العرب في الجاهلية كانوا يتشعبون فيه للبحث عن الماء أو للاستعداد للحرب بعد انتهاء شهر رجب الذي كان شهرًا محرمًا يمنع فيه القتال.
ومن السنة النبوية، ورد عن فضل شهر شعبان ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها:
“ما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استكمل صيامَ شهرٍ قطُّ إلا رمضانَ، وما رأيتُه في شهرٍ أكثرَ صيامًا منه في شعبانَ” [رواه البخاري].
هل شهر شعبان شهر تساقط الأرواح؟
الحقيقة الشرعية
لا صحة لما يُشاع حول أن شهر شعبان هو شهر تساقط الأرواح أو أن الموت يكثر فيه بشكل خاص مقارنةً ببقية الشهور. هذا الاعتقاد لا يستند إلى نصوص شرعية صحيحة، وهو من المعتقدات التي لا أساس لها في السنة النبوية أو أقوال الصحابة والتابعين.
بعض الأحاديث الضعيفة التي تُروج لهذا الاعتقاد، منها:
“تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان، حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى”، وهذا الحديث لا يصح وهو ضعيف الإسناد.
ما ورد في الأثر
ما ثبت هو أن الأعمال تُرفع إلى الله عز وجل في شهر شعبان، كما ورد عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال:
“قلتُ: يا رسولَ اللهِ، لم أركَ تصومُ من شهرٍ من الشهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟ قال: ذلك شهرٌ يغفُلُ الناسُ عنه بين رجبَ ورمضانَ، وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ” [رواه النسائي وأحمد، وصححه الألباني].
لماذا يُشاع أن شعبان شهر تساقط الأرواح؟
- السبب الرئيسي: ربما يعود انتشار هذه الفكرة إلى فهم خاطئ للأحاديث الضعيفة التي تتحدث عن كتابة الآجال ورفع الأعمال في هذا الشهر. البعض يربط بين كتابة الأقدار والموت، مما يؤدي إلى الاعتقاد بأن شعبان مرتبط بتساقط الأرواح.
- التأثير الثقافي: في بعض المجتمعات، تنتشر الخرافات والموروثات الشعبية التي لا تستند إلى الدين، مما يساهم في تضليل الناس.
ما موقف العلماء من هذه المعتقدات؟
أجمع العلماء على أن القول بأن شهر شعبان هو شهر تساقط الأرواح لا أصل له في السنة النبوية، وأكدوا أنه لا ينبغي للمسلم الاعتقاد أو نشر مثل هذه الأفكار دون دليل شرعي. ومن أقوال العلماء:
- القاضي أبو بكر بن العربي:
“ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يُعوَّل عليه، لا في فضلها، ولا في نسخ الآجال فيها.” - الشيخ ابن باز رحمه الله:
“ما يُشاع عن شعبان من أنه شهر تكثر فيه الوفيات لا أصل له. الواجب على المسلم التمسك بالسنة وترك الخرافات.”
فضل شهر شعبان في الإسلام
رغم عدم صحة ما يُقال عن تساقط الأرواح، إلا أن شهر شعبان يتميز بفضله في رفع الأعمال وزيادة الطاعات. ومن فضائل شهر شعبان:
- رفع الأعمال إلى الله:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الصيام في شعبان لأن فيه تُرفع الأعمال، كما في الحديث السابق عن أسامة بن زيد رضي الله عنه. - الاستعداد لرمضان:
شهر شعبان يُعد بمثابة تدريب روحاني وجسدي لاستقبال شهر رمضان بالصيام والطاعات. - ليلة النصف من شعبان:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“إن الله ليطَّلع في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن” [رواه ابن ماجه وصححه الألباني].
العمل الصالح في شهر شعبان
شهر شعبان فرصة عظيمة للمسلمين للإكثار من العبادات، ومن أبرز الأعمال المستحبة:
- الصيام:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم معظم شهر شعبان. - الدعاء والاستغفار:
الدعاء في شعبان يُعد من الأعمال الصالحة التي تقرب العبد إلى الله. - الصدقة:
الإنفاق في سبيل الله في هذا الشهر المبارك له أجر عظيم.
الخلاصةشهر شعبان ليس شهر تساقط الأرواح كما يُشاع في بعض الأوساط، بل هو شهر مبارك تُرفع فيه الأعمال إلى الله. المسلمون مدعوون إلى اغتنام هذا الشهر بالطاعات والعبادات والابتعاد عن المعتقدات الخاطئة التي لا تستند إلى دليل شرعي. على المسلم أن يحرص على اتباع السنة النبوية والعمل بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.