من هو الحسن بلمودن؟ مايسترو آلة الرباب الأمازيغي وأيقونة الموسيقى التقليدية

في يوم حزين للساحة الفنية المغربية والأمازيغية، توفي الفنان الحسن بلمودن، أشهر عازف على آلة الرباب الأمازيغي، في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء، إثر أزمة قلبية مفاجئة أثناء عودته من سهرة فنية بمدينة الدار البيضاء إلى أكادير، الخبر هز أوساط الفن المغربي، إذ يُعتبر الحسن بلمودن أحد أعمدة الموسيقى الأمازيغية ورمزاً للإبداع الأصيل.

الحسن بلمودن، أو كما يُعرف بين عشاق الموسيقى الأمازيغية بـ”الرايس لحسن“، ليس مجرد موسيقي عادي؛ بل كان رمزاً للتراث والثقافة الأمازيغية، حيث مثّلها بكل شغف وموهبة على مدى عقود، في المقال التالي، سنتعرف على حياة هذا الفنان الكبير، وأبرز محطاته الفنية، ودوره الكبير في الحفاظ على آلة الرباب الأمازيغي كرمز ثقافي مغربي، كما سنلقي الضوء على سبب وفاته المفاجئة التي تركت حزناً كبيراً في الوسط الفني.

من هو الحسن بلمودن؟

وُلد الحسن بلمودن في بيئة ريفية غنية بالتراث الأمازيغي في منطقة إمنتاكن، عام 1954 في قبيلة آيت طالب بإقليم تارودانت، وبدأ مسيرته الموسيقية في سن مبكرة،  وتعلّم في صغره العزف على الآلات الموسيقية التقليدية، لا سيما آلة الرباب، التي أصبحت رفيقة دربه ووسيلته للتعبير الفني.

بدأ مشواره الفني في أواخر الستينيات، ورافق خلال مسيرته كبار فناني “تيرويسا”، مثل الرايس محمد الدمسيري وأحمد أمنتاك وعمر واهروش.

موهبته الاستثنائية جعلته يبرز سريعاً، وأصبح يُعرف بقدرته الفريدة على المزج بين الأصالة والتجديد في عزفه، وسرعان ما تجاوزت شهرته حدود المغرب، حيث شارك في جولات فنية عالمية شملت أوروبا وأمريكا الشمالية، ليعرّف العالم بالموسيقى الأمازيغية وأصالتها.

دور الحسن بلمودن في تطوير الموسيقى الأمازيغية

لعب الحسن بلمودن دوراً محورياً في تحديث الموسيقى الأمازيغية دون أن يفقدها طابعها الأصيل، كانت آلة الرباب، التي تُعتبر واحدة من أقدم الآلات الموسيقية المغربية، أداةً في يده يعزف بها ألحاناً تجسد الروح الأمازيغية وتعبر عن قصص الحياة اليومية.

من خلال ألبوماته وجولاته الفنية، أسهم الحسن بلمودن في تعريف الجمهور الأمازيغي والعالمي بقوة وجمال الرباب الأمازيغي، مما جعل الموسيقى التراثية أكثر قرباً من الأجيال الشابة.

سبب وفاة الحسن بلمودن

توفي الحسن بلمودن إثر سكتة قلبية مفاجئة أثناء عودته من سهرة فنية في مقاطعة سيدي مومن بالدار البيضاء إلى مدينة أكادير، حيث يقطن منذ سنوات.

بعد تعرضه لوعكة صحية عند وصوله إلى مدينة سطات، نُقل إلى مصحة خاصة، لكنّ محاولات إنقاذه لم تُفلح، وفاته تركت حزناً كبيراً في الأوساط الفنية، حيث نعاه زملاؤه ومحبوه، مشيدين بإرثه الفني الكبير.

إرث الحسن بلمودن: موسيقى خالدة وأصالة مستمرة

كان للحسن بلمودن تأثير كبير على الموسيقى الأمازيغية التقليدية. فقد تمكن من الحفاظ على آلة الرباب كرمز ثقافي، وفي الوقت نفسه، أدخل عليها تطورات عززت من شعبيتها، كما كان له دور تعليمي مهم، حيث ساهم في تدريب العديد من العازفين الشباب، ما ساعد على استمرار هذا التراث الموسيقي العريق.

إضافةً إلى ألبوماته الناجحة، كان الحسن بلمودن شخصية بارزة في المشهد الفني الأمازيغي، حيث كان مطلوباً لدى كبار الروايس لمهارته الفائقة في العزف، ترك وراءه إرثاً غنياً من التسجيلات الموسيقية والحفلات التي ستظل شاهدة على إبداعه.

خاتمة: وداعاً أيها الرايس

وفاة الحسن بلمودن تُعد خسارة كبيرة للموسيقى الأمازيغية، فقد كان الرايس لحسن صوتاً ينقل ثقافة أجداده بأسلوب عصري، وأيقونة في الحفاظ على التراث. نعاه الفنانون والمحبون على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن غيابه سيترك فراغاً كبيراً، لكن إرثه سيظل حاضراً عبر الأجيال.

برحيل الحسن بلمودن، فقدت الساحة الفنية الأمازيغية ركناً من أركانها، لكن إبداعه سيظل خالداً في ذاكرة عشاق الموسيقى، من خلال عزفه على آلة الرباب، نجح في تجسيد روح التراث الأمازيغي ونقله إلى العالم، ليبقى اسمه خالداً كواحد من أعظم روايس الموسيقى الأمازيغية.

رنا الشامي

محررة ذات حس إبداعي، تجمع بين الخبرة في تغطية الأخبار والقدرة على جذب القراء بمقالات مشوقة ومفيدة في مختلف المجالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى