من هو الأسير الأردني علي نزال؟: قصة نضال وصمود حتى لقاء ابنه المولود بالنطف المهربة

الأسير الأردني علي نزال واحدًا من بين عشرات الأسرى العرب الذين كانو يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهو فلسطيني الأصل، كويتي المولد، أردني النشأة، عاد إلى وطنه فلسطين بعد ربع قرن من الغياب ليجد نفسه في مواجهة الاحتلال، حيث انتهى به المطاف أسيرًا محكومًا بـ 30 عامًا خلف قضبان الاحتلال منذ 2007.

في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل حياة علي نزال، رحلته من الكويت إلى الأردن ثم فلسطين، ظروف اعتقاله القاسية، ومعاناته داخل الأسر، إضافةً إلى لحظة الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى الرابعة، ولقائه بطفله الذي وُلد عن طريق “النطف المهربة”.

من هو الأسير الأردني علي نزال؟

وُلد علي شريف رافع نزال في الكويت عام 1972 لعائلة فلسطينية مُهجّرة من مدينة قلقيلية، حيث نشأ وترعرع في الغربة بعيدًا عن وطنه الأم، بعد حرب الخليج في 1991، قرر والده العودة إلى الأردن والاستقرار هناك، ما جعله يقترب خطوةً نحو تحقيق حلمه بالعودة إلى فلسطين.

وفي عام 1997، قرر علي زيارة فلسطين للمرة الأولى، ليكتحل نظره برؤية سهولها وجبالها التي طالما سمع عنها في قصص والده، قرر بعد ذلك الاستقرار في قلقيلية، حيث تزوج من إحدى قريباته، رغم علمه بالمخاطر التي قد يواجهها لكونه يحمل الجنسية الأردنية.

رزق علي بثلاث بنات (جنان، داليا، ونور)، وعمل في عدة مهن، منها الطلاء، البلاط، تجارة الملابس، والإشراف على حديقة الحيوانات، إلا أن الاحتلال لم يسمح له بالعيش بسلام.

الطريق إلى المقاومة والاعتقال

مع تصاعد اعتداءات الاحتلال على الشعب الفلسطيني، انخرط علي نزال في العمل المقاوم، وأصبح مطلوبًا لقوات الاحتلال. لم تكن زوجته على علم بتفاصيل نشاطه، لكنها لاحظت تغيبه الطويل عن المنزل، خاصةً في ساعات الليل، ما دفعها للشك بأنه متزوج سرًا!

وفي عام 2003، داهمت قوات الاحتلال حي نزال في قلقيلية، وهدمت عدة منازل بحجة وجود “مطاردين”، وكان منزل علي نزال من بينها، ليُجبر على الانتقال إلى منزل آخر. وبعد سنوات قليلة، أعادت قوات الاحتلال هدم منزله الجديد مرةً أخرى في محاولة للضغط عليه.

وأخيرًا، في 5 أبريل 2007، اقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية منزله ليلاً، وقامت باعتقاله أمام زوجته وبناته الثلاث، وبعد أسبوع واحد فقط، عادوا لهدم منزله بالكامل للمرة الثانية، بزعم العثور على مواد متفجرة داخله.

التحقيق والتعذيب داخل السجون الإسرائيلية

تم نقل علي نزال إلى مركز تحقيق الجلمة، حيث خضع لـ 30 يومًا من التحقيق القاسي، الذي شمل:

  • التعذيب الجسدي، ما تسبب في كسر فكه وأسنان
  • الشبح والحرمان من النوم لساعات طويلة
  • الضرب المبرح، وترك رضوض في مختلف أنحاء جسده

وبعد عام كامل من التحقيقات والمحاكمات الصورية، أصدرت المحكمة الإسرائيلية حكمًا عليه بالسجن 30 عامًا، بتهمة حيازة مواد متفجرة والتخطيط لهجوم بسيارة مفخخة في تل أبيب، رغم غياب أي أدلة ملموسة ضده.

الحياة داخل الأسر.. الحرمان والمعاناة

عانى نزال من الحرمان من الزيارة، حيث لم تتمكن زوجته وبناته من رؤيته إلا 3 مرات فقط خلال 4 سنوات، بسبب المنع الأمني. كما تم منعه من التواصل مع أهله في الأردن، وهو ما يشمل المكالمات الهاتفية والرسائل البريدية، مما زاد من معاناته وعزلته داخل السجن.

وناشدت عدة جهات حقوقية، أبرزها مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان، بضرورة السماح له بالتواصل مع عائلته، لكن الاحتلال واصل تعنته وانتهاكاته لحقوق الأسرى الفلسطينيين والعرب داخل السجون.

قصة “النطف المهربة”.. معجزة الإنجاب خلف القضبان

في ظل سياسة الاحتلال بحرمان الأسرى من حقوقهم الأساسية، لجأ العديد منهم إلى تهريب النطف المنوية خارج السجون، في محاولة لتحقيق حلمهم بالأبوة رغم القيود المشددة.

نجح علي نزال في تهريب نطفته خارج السجن، وتمكنت زوجته من الحمل والإنجاب، ليُرزق بطفل لم يره طيلة 12 عامًا، حتى لحظة الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى في 2025، حيث التقى به لأول مرة في مشهد مليء بالمشاعر والدموع.

الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى الرابعة

تم الإفراج عن الأسير علي نزال في 1 فبراير 2025، ضمن الدفعة الرابعة من صفقة “طوفان الأحرار”، التي شملت إطلاق سراح 183 أسيرًا فلسطينيًا، مقابل 3 أسرى إسرائيليين تحتجزهم كتائب القسام.

وضمت القائمة:

  • 18 أسيرًا من ذوي المؤبدات
  • 54 أسيرًا محكومًا بأحكام عالية
  • 111 أسيرًا من أبناء قطاع غزة

وكان علي نزال ثالث أسير أردني يتم الإفراج عنه بعد ثائر اللوزي وعمار الحويطات، حيث عاد إلى مدينة قلقيلية بعد غياب 18 عامًا.

لحظة لقاء علي نزال مع طفله لأول مرة

وثّقت عدسات الكاميرات لحظة مؤثرة، حيث احتضن نزال طفله الذي وُلد من “النطف المهربة” لأول مرة، بعد 12 عامًا من الانتظار.

وفي تصريحاته، قال نزال:

“هذه لحظة انتظرتها طويلاً، لكنها تظل ناقصة لأن هناك آلاف الأسرى الذين لم يتحرروا بعد، ومعاناتهم مستمرة داخل السجون الإسرائيلية.”

ردود الفعل على الإفراج عن نزال

استقبلت مدينة قلقيلية الأسير المحرر علي نزال بحفاوة كبيرة، حيث خرج المئات من الأهالي للاحتفال بعودته بعد 18 عامًا من الأسر.

اعتبرت الفصائل الفلسطينية أن تجربة نزال داخل السجون تعكس مدى صمود الأسرى الفلسطينيين، وقدرتهم على مواجهة الاحتلال رغم كل القيود المفروضة عليهم.

في المقابل، انتقدت أوساط سياسية إسرائيلية الإفراج عن نزال، معتبرين أن صفقة تبادل الأسرى تُعد انتصارًا للمقاومة الفلسطينية، حيث تمكن الأسرى الفلسطينيون من نيل الحرية بعد سنوات من الأسر والمعاناة.

علي نزال لم يكن مجرد أسير فلسطيني، بل كان رمزًا للصمود والإصرار داخل السجون الإسرائيلية. فبعد 18 عامًا من الأسر، خرج نزال ليحتضن طفله الذي لم يره قط، في مشهدٍ أثبت أن الإرادة القوية قادرة على هزيمة القيود.

ورغم أن هذه الصفحة من حياته قد طُويت، إلا أن الأسير الأردني علي نزال يظل شاهدًا حيًا على معاناة الأسرى الفلسطينيين والعرب داخل سجون الاحتلال، في انتظار اليوم الذي يتحرر فيه جميع الأسرى ليعودوا إلى أحضان عائلاتهم.

منى جمال

كاتبة تمتلك أسلوبًا مميزًا في الكتابة يجمع بين البساطة والإبداع. تركز في كتاباتها على تغطية موضوعات تهم جمهورًا واسعًا من القراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى