ديانة وليد جنبلاط: الطائفة الدرزية في قلب السياسة اللبنانية

وليد جنبلاط، السياسي اللبناني البارز وزعيم الطائفة الدرزية في لبنان، يُعد من الشخصيات المثيرة للاهتمام على الساحة السياسية. يتميز بتاريخه الحافل بالتقلبات السياسية وتحالفاته المختلفة التي جعلت منه محورًا مؤثرًا في السياسة اللبنانية. ديانته الدرزية تُثير الفضول لدى الكثيرين، نظرًا لخصوصية هذه الديانة الفريدة ودورها في تشكيل هويته وشخصيته السياسية.

ديانة وليد جنبلاط: الدروز والطائفة الموحدة

ينتمي وليد جنبلاط إلى الديانة الدرزية، وهي ديانة توحيدية ظهرت في القرن الحادي عشر الميلادي، وتجمع بين عناصر من الأديان السماوية الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية، لكنها تُعد ديانة مستقلة بذاتها. تتسم الديانة الدرزية بخصوصيتها، حيث إنها لا تقبل التحول إليها أو الخروج منها، وتتمتع بتعاليم فلسفية وروحية عميقة.

الدروز في لبنان يُعتبرون أقلية دينية، ولكنهم يلعبون دورًا محوريًا في السياسة والمجتمع اللبناني. وكزعيم لهذه الطائفة، يُعد وليد جنبلاط واحدًا من أبرز الشخصيات التي تعمل على تمثيلهم وحماية حقوقهم في المشهد السياسي المعقد في لبنان.

نشأة وليد جنبلاط وتعليمه

وُلد وليد جنبلاط في 7 أغسطس 1949 في بلدة المختارة بقضاء الشوف، وهو ابن الزعيم السياسي الراحل كمال جنبلاط، الذي كان له تأثير كبير على تطور الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان. تلقى تعليمه في الجامعة الأميركية في بيروت، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية. كما درس مادة التاريخ في الجامعة الوطنية في عالية، ما عزز من معرفته بالتاريخ السياسي والاجتماعي للبنان والمنطقة.

بعد اغتيال والده عام 1977، تولى وليد جنبلاط قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي، ليبدأ مسيرته السياسية الطويلة التي شهدت محطات مفصلية وتحولات كبيرة.

المسيرة السياسية لوليد جنبلاط

قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي

تولى وليد جنبلاط قيادة الحزب بعد وفاة والده، وسرعان ما أصبح شخصية بارزة في الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت بين عامي 1975 و1990. لعب دورًا رئيسيًا في التحالفات السياسية، حيث نجح في بناء تحالفات مع مختلف القوى، من بينها المسيحيون والمسلمون، ما جعله صوتًا موحدًا للطائفة الدرزية.

تحالفاته السياسية

اشتهر وليد جنبلاط بتقلباته السياسية، إذ تحالف مع جهات مختلفة في مراحل متعددة. كان أحد مؤسسي تحالف 14 آذار الذي قاد ثورة الأرز ضد الوصاية السورية في لبنان. كما اتخذ مواقف متباينة تجاه حزب الله والقوى الإقليمية، مما جعله دائمًا في دائرة الضوء.

مواقفه الجريئة

جنبلاط معروف بمواقفه الصريحة والجريئة، حيث لم يتردد يومًا في انتقاد القوى الكبرى أو الإعلان عن مواقف غير متوقعة. ورغم ذلك، نجح في الحفاظ على التوازن بين تمثيل مصالح الطائفة الدرزية والمشاركة في القضايا الوطنية والإقليمية.

ما هي الديانة الدرزية؟

نشأتها وتعاليمها

تأسست الديانة الدرزية في القرن الحادي عشر الميلادي في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي. تمتاز بتعاليمها الروحية والفلسفية التي تركز على التوحيد والطهارة الروحية. تُعتبر هذه الديانة من الديانات المغلقة، فلا يُسمح بالتحول إليها أو الخروج منها.

معتقدات الديانة الدرزية

  • الإيمان بالتناسخ: يُعتقد أن الروح تنتقل بعد الموت إلى جسد جديد.
  • التوحيد: التركيز على عبادة الله الواحد.
  • الحفاظ على السرية: تقتصر تعاليمها العميقة على مجموعة صغيرة تُعرف بـ”العقال”، بينما يظل العامة على دراية محدودة.

مكانة الطائفة الدرزية

تمثل الطائفة الدرزية أقلية دينية في لبنان وسوريا وفلسطين، لكنها لعبت دورًا كبيرًا في تشكيل الحياة السياسية والثقافية في هذه الدول. وليد جنبلاط، كزعيم لهذه الطائفة، عمل على تمثيل مصالحها وضمان مشاركتها الفعالة في الحياة السياسية اللبنانية.

دور وليد جنبلاط في تعزيز الطائفة الدرزية

حماية مصالح الطائفة

عمل جنبلاط على تعزيز مكانة الدروز في لبنان من خلال بناء تحالفات سياسية تحمي حقوق الطائفة وتضمن مشاركتها في الحكم. كما دعا إلى الوحدة الوطنية بين الطوائف المختلفة، مما جعله شخصية محورية في السياسة اللبنانية.

التوازن بين الديانة والسياسة

رغم التزامه بتقاليد الطائفة الدرزية، نجح جنبلاط في بناء علاقات قوية مع مختلف القوى الدينية والسياسية، بما في ذلك المسيحيون والمسلمون، ما ساعد في تعزيز مكانة الدروز كمكون أساسي في النسيج اللبناني.

الحياة الشخصية لوليد جنبلاط

تزوج وليد جنبلاط من نورا الشرباتي، ولهما ثلاثة أبناء: تيمور، داليا، وطارق. يُعرف عن جنبلاط حرصه على التوازن بين حياته العائلية ومسيرته السياسية. ابنه البكر، تيمور جنبلاط، يُعد الوريث السياسي الذي بدأ في تولي مسؤوليات تدريجية داخل الحزب التقدمي الاشتراكي.

وليد جنبلاط: بين الديانة والسياسة

يُعد وليد جنبلاط رمزًا للتوازن بين التقاليد الدينية الدرزية والمشاركة السياسية في لبنان. ساهمت مواقفه الجريئة وتحالفاته المتعددة في الحفاظ على وحدة الطائفة الدرزية وضمان مكانتها في الساحة السياسية اللبنانية.

رنا الشامي

محررة ذات حس إبداعي، تجمع بين الخبرة في تغطية الأخبار والقدرة على جذب القراء بمقالات مشوقة ومفيدة في مختلف المجالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى