محمد السنوار: رجل الظل وقائد العمليات العسكرية في غزة
محمد السنوار، الاسم الذي بات يتردد كثيرًا في الأوساط السياسية والعسكرية بعد اغتيال شقيقه الأكبر يحيى السنوار، القائد البارز لحركة “حماس”، يُعرف محمد بأنه رجل الظل، والآن يتصدر المشهد باعتباره المسؤول الأول عن إعادة بناء قدرات “حماس” العسكرية بعد الضربات الموجعة التي تعرضت لها الحركة نتيجة الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
في هذا المقال، سنلقي الضوء على شخصية محمد السنوار، دوره في “حماس”، وتأثيره على استمرار الصراع مع إسرائيل.
تأثير اغتيال يحيى السنوار
كان الشهيد البطل يحيى السنوار يمثل أحد الأعمدة الرئيسية لحركة “حماس”، واشتهر بذكائه الاستراتيجي ودوره في التخطيط للهجوم الكبير على المستوطنات الإسرائيلية في أكتوبر 2023. إلا أن اغتياله كان بمثابة زلزال للحركة، ما ترك فراغًا قياديًا حاولت “حماس” تجاوزه بطرق مختلفة.
مع ذلك، رفضت قيادات الحركة في غزة العمل ضمن نظام القيادة الجماعية المقترح، مما مهّد الطريق أمام محمد السنوار لتولي القيادة بصورة شبه مباشرة، عمل محمد على تنظيم صفوف “حماس” وترميم قدراتها العسكرية التي تعرضت لضربات موجعة خلال الحرب، مستفيدًا من خبرته الطويلة وولائه للحركة منذ انضمامه إليها في شبابه.
محمد السنوار: من خلف الكواليس إلى الواجهة
محمد السنوار، البالغ من العمر حوالي 50 عامًا، يعد شخصية غامضة نسبيًا مقارنة بشقيقه الأكبر، لم يُحتجز لفترات طويلة في السجون الإسرائيلية كما حدث مع يحيى، مما جعله أقل شهرة لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، إلا أنه كان لاعبًا رئيسيًا في عدة عمليات، من أبرزها اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006، وهي العملية التي أدت في النهاية إلى إطلاق سراح يحيى السنوار في صفقة تبادل الأسرى.
وفقًا لتقارير إسرائيلية وعربية، يُعتبر محمد شخصية متزنة واستراتيجية، يعمل بهدوء بعيدًا عن الأضواء، ما أكسبه لقب “رجل الظل”.
استراتيجيات إعادة بناء “حماس”
بعد مرور أكثر من 15 شهرًا على حرب الإبادة، تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في تدمير كبير للبنية التحتية في قطاع غزة وقدرات “حماس”، رغم ذلك، تمكنت الحركة من استغلال الوضع الراهن لإعادة تنظيم صفوفها.
- تجنيد الشباب: أدى العنف المستمر إلى خلق جيل جديد من الشباب الراغبين في الانضمام إلى المقاومة. هذا الجيل يمثل ذخيرة بشرية جديدة لحركة “حماس”، مما يتيح لها الاستمرار في مواجهة إسرائيل.
- الاستفادة من الذخائر غير المتفجرة: استخدمت “حماس” الذخائر غير المتفجرة التي تركتها الغارات الإسرائيلية لتصنيع قنابل وأسلحة بدائية جديدة.
- الهجمات المتواصلة: تحت قيادة محمد السنوار، نفذت “حماس” هجمات نوعية ضد إسرائيل، بما في ذلك إطلاق صواريخ واستهداف جنود إسرائيليين في شمال قطاع غزة.
التحديات التي تواجه إسرائيل
أدى استمرار عمليات “حماس” إلى وضع الجيش الإسرائيلي في حالة استنزاف، فقد اضطرت القوات الإسرائيلية للعودة إلى مناطق تم تطهيرها مسبقًا لمواجهة التهديدات المتجددة.
ووفقًا لتصريحات إسرائيلية، فإن سرعة إعادة بناء قدرات “حماس” تفوق قدرة الجيش الإسرائيلي على القضاء عليها، مما يعقد جهود تل أبيب لإنهاء الحرب.
دور الوسطاء في النزاع
بحسب وسطاء عرب شاركوا في محادثات وقف إطلاق النار، يعمل محمد السنوار على فرض شروط جديدة تضمن بقاء الحركة في صدارة المشهد السياسي والعسكري في غزة.
وأشارت رسائل نُسبت إليه إلى ثقته بقدرة “حماس” على الاستمرار في المواجهة، حيث كتب: “إذا لم تكن صفقة شاملة تنهي معاناة سكان غزة، فإن (حماس) ستواصل قتالها”.
ماذا يحمل المستقبل لمحمد السنوار و”حماس”؟
مع استمرار النزاع وتزايد الضغوط الدولية والإقليمية، يبدو أن محمد السنوار سيظل لاعبًا رئيسيًا في إدارة المعركة ضد إسرائيل، قيادته الهادئة وشبكة اتصالاته القوية تجعل منه خصمًا صعب المنال.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق توازن بين استمرار المقاومة وتحسين أوضاع سكان قطاع غزة، الذين يعانون من دمار هائل وفقدان آلاف الأرواح بسبب الحرب.
محمد السنوار، الذي بدأ رحلته كظل لشقيقه الأكبر يحيى، أصبح اليوم القائد الفعلي لحركة “حماس” في غزة، قدرته على العمل خلف الكواليس وإعادة تنظيم صفوف الحركة تشير إلى أن الصراع في غزة لا يزال بعيدًا عن نهايته.
المستقبل سيحمل بالتأكيد المزيد من التحديات لكل من “حماس” وإسرائيل، في ظل قيادة محمد السنوار ودوره البارز في تشكيل المرحلة المقبلة.