صحة حديث من يبارك الأحباب بشهر رجب 2025: هل له أصل في الإسلام؟
يُعتبر شهر رجب من أشهر الله الحُرم التي تحمل مكانة عظيمة في قلب كل مسلم، وهو أحد الأشهر التي يتم فيها الامتناع عن القتال والاقتتال كما جاء في القرآن الكريم. لهذا السبب، يحتفل المسلمون بهذا الشهر ويُعبرون عن تهانيهم لبعضهم البعض بمناسبة قدومه. لكن، هل هناك حديث نبوي صحيح يدعو إلى تهنئة الأحباب بشهر رجب؟ وهل يجوز تبادل المباركات فيه؟ في هذا المقال، سنتناول صحة حديث “من يبارك الأحباب بشهر رجب” والحقائق المتعلقة به بناءً على ما ورد من الأحاديث النبوية الشريفة.
شهر رجب وأهميته في الإسلام
يعد شهر رجب من الأشهر الحرم، وهي أربعة أشهر ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم، حيث قال: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَاعَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ…” (التوبة: 36). وهذه الأشهر هي: ذو القعدة، ذو الحجة، المُحرّم، ورجب. ومع أن رجب يكتسب خصوصية في كونه أحد الأشهر الحرم، إلا أنه لا يوجد نص شرعي يتحدث عن تخصيصه بالتهنئة أو الدعاء بالخير بشكل خاص، كما يظن البعض.
حديث من يبارك الأحباب بشهر رجب
من المعروف في الشريعة الإسلامية أن التهنئة بمناسبة قدوم أشهر أو أيام معينة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في حالات معينة، مثل تهنئة قدوم شهر رمضان المبارك، الذي يُعتبر أفضل شهور السنة وأكثرها قداسة. ولكن فيما يتعلق بشهر رجب، لا يوجد حديث نبوي صحيح يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهنئ المسلمين بقدوم هذا الشهر.
حديث “من يبارك الأحباب بشهر رجب” هو حديث ضعيف، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. فبالرغم من شيوع هذه التهنئة بين بعض المسلمين، إلا أن العلماء قد أكدوا عدم صحتها، وأوضحوا أنها ليست من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
سبب ضعف الحديث
الحديث الذي ينص على تهنئة الأحباب بشهر رجب لا يتسم بالصحة لأنه لم يثبت في أي من كتب الحديث الموثوقة. قال العلماء مثل الشيخ الألباني وغيره من أهل العلم، أن هذا الحديث ضعيف ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في أي من كتب الحديث الصحيحة مثل “صحيح البخاري” أو “صحيح مسلم”.
يعود سبب ضعف هذا الحديث إلى وجود راويين غير موثوقين في سنده، مما يجعل الحديث لا يحتمل الاعتماد عليه في الاستدلال. كما أن العلماء قد بينوا أن تبادل التهاني بين المسلمين في هذه المناسبة يعتبر من البدع المستحدثة وليس جزءاً من السنة النبوية.
هل يجوز تهنئة شهر رجب؟
بالرغم من أن بعض الناس يعتقدون أن تهنئة شهر رجب من الأمور المستحبة، إلا أن العلماء قد بيّنوا أن التهنئة بأي شهر هجري باستثناء رمضان لا يجوز شرعاً. وهذا لا يعني أن المسلم لا يجب أن يفرح بحلول شهر رجب أو أن يكثر من العبادة فيه، لكن التهنئة بالشهر بشكل خاص لا تتوافق مع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
يُضاف إلى ذلك أن الدعاء والتسبيح في هذا الشهر أمر مشروع، فقد كان الصحابة يتوجهون إلى الله بالدعاء والعبادة في الأشهر الحرم باعتبارها فرصة عظيمة لنيل الأجر والثواب. لكن لا ينبغي للمسلم أن يعتقد أن هناك دعاء أو تهنئة خاصة بهذا الشهر غير ما جاء في السنة.
ما الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رجب؟
رغم عدم وجود تهنئة خاصة بشهر رجب، إلا أن شهر رجب يبقى من الأشهر التي لها مكانة خاصة في الإسلام، ولها جملة من الفضائل التي يمكن للمسلمين استغلالها. في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يحرص على صيام شهر رجب وصلاة النفل، وخصوصًا في الأيام العشر الأخيرة منه، حيث يُعتبر ذلك من الأعمال المستحبة.
علاوة على ذلك، كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله باستمرار في الأشهر الحرم بأن يُبارك له في أعماله وأوقاته، ويكثر من العبادة والتقوى في تلك الفترة. وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “إِنَّ صَوْمَ رَجَبٍ لَمِنَ السُّنَّةِ”، مما يشير إلى فضيلة العبادة في هذا الشهر المبارك.
ماذا يجب على المسلم في شهر رجب؟
من الأمور التي يمكن للمسلم أن يفعلها في شهر رجب هي الإكثار من العبادة، مثل الصلاة، قراءة القرآن، وذكر الله، واستغلال هذا الشهر في الأعمال الصالحة. يمكن أيضًا للمسلم أن يكثر من الصدقة وأعمال الخير، كما يمكنه أن يقوم بصيام بعض أيام الشهر.
رغم أن شهر رجب ليس شهرًا واجبًا فيه صيام خاص أو عبادات معينة كما في شهر رمضان، إلا أن العمل الصالح في أي وقت من السنة يعود على المسلم بالأجر، والشهور الحرم تُعتبر فرصًا عظيمة لتكثيف العبادة والابتعاد عن المعاصي.
البدع المستحدثة في شهر رجب
العديد من المسلمين قد يظن أن هناك طقوسًا دينية خاصة بشهر رجب، مثل تخصيصه بالصيام أو أداء عبادات معينة، إلا أنه يجب التنبه إلى أن هذه الأمور قد تكون من البدع المستحدثة التي لم ترد في الشريعة الإسلامية. ولذا، يجب على المسلم أن يكون حذرًا في اتباع ما لم يرد في السنة النبوية، وأن يقتصر على الأعمال التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
من البدع الشائعة التي يجب تجنبها في شهر رجب هي تخصيص هذا الشهر بالتهنئة، حيث لا يوجد في السنة النبوية أي دليل يشير إلى وجوب تهنئة أحد بقدوم شهر رجب. والتهنئة في هذا الشهر لا تعدو كونها تقليدًا اجتماعيًا وليس عبادة مشروعة.
حكم تهنئة شهر رجب ابن باز
فيما يتعلق بحكم تهنئة شهر رجب كما ذكره الشيخ ابن باز، فقد أشار إلى أن التهنئة بهذا الشهر ليست من السنة ولا من العادات التي يجب على المسلم اتباعها. قال الشيخ ابن باز رحمه الله: “لا يجوز تخصيص شهر رجب بالتهنئة أو العبادة دون سائر الشهور، فهذا من البدع التي يجب تجنبها.” وأضاف أن على المسلم أن يكون متوجهًا إلى الله في جميع الأوقات بما فيه شهر رجب، ولكن لا يجوز أن يكون هناك تخصيص لشهر رجب بهذه التهنئة.
خلاصة المقالإن حديث “من يبارك الأحباب بشهر رجب” لا يعد من الأحاديث الصحيحة، وبالتالي لا يجوز تبادل التهاني بهذا الشهر بناءً على حديث ضعيف لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. لكن، يُستحب للمسلمين أن يكثروا من العبادة في هذا الشهر كغيره من الأشهر الحرم، وأن يسألوا الله أن يوفقهم للطاعات والعبادات.